فمكروا بآيات الله ، وكذبوا رسله .. (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٣٤ : إبراهيم) ..
(وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ..)
وهذا صنف آخر من الناس .. فإنه إذا كان أكثر الناس لا يؤمنون بالله ، ولا يستجيبون لدعوة الداعي الذي يدعوهم إليه ، فإن كثيرا منهم كذلك يؤمنون بالله ، ولكنهم لا يخلصون إيمانهم له ، ولا يقيمون هذا الإيمان على وجهه الصحيح .. فهم مؤمنون ، وغير مؤمنين .. يؤمنون بالله ، وبغير الله ، فيجعلون مع الله آلهة أخرى ، أو شفعاء يتقربون بهم إليه ، مثل مشركى قريش ، الذين يقولون عن أصنامهم التي يعبدونها : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (٣ : الزمر) .. فهذا شرك بالله ، لا يصح معه إيمان مؤمن.
(أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ).
الغاشية : هى التي تهجم على الناس ، وتشتمل عليهم ، ولا تستعمل إلا فى مقام الضرّ والأذى ..
البغتة : المباغتة والمفاجئة ..
والمعنى ، أفيأمن هؤلاء المشركون من قريش ، الذين كذبوا رسول الله ، وآذوه ـ أفيأمنون أن يأخذهم الله ببأسه ، وأن تغشاهم سحابة من عذابه ، فتهلكهم كما أهلكت الظالمين قبلهم؟ وإذا أمنوا هذا ، أفيأمنون أن تأتيهم الساعة فجأة ، وهم غافلون عنها ، لم يعملوا حسابا لها؟.
ماذا يكون موقفهم يومئذ؟ وهل يلقون إلا الخزي والهوان ، والعذاب الأليم؟ ..