عمل منه .. هكذا مواقع رحمة الله ، تنزل حيث يشاء الله ، كما اقتضت حكمته فى خلقه : (وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ).
ـ وفى قوله سبحانه : (وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) .. إشارة إلى أن المحسنين لا يفوتهم جزاء إحسانهم أبدا ..
وإذن فالنّاس جميعا فى مواقع رحمة الله .. ولكنهم ـ مع هذا ـ صنفان : صنف محسن ، يعمل الصالحات ، ويغرس فى مغارس الخير ، وهؤلاء قد وقع أجرهم على الله .. يجزون جزاء ما يعملون .. (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً ..) (٣٠ : الكهف) ..
وصنف آخر .. يفضل الله سبحانه وتعالى عليهم ، من غير عمل ، فيرزقهم ويوسّع لهم فى الرزق ، ويكثّر لهم من المال والبنين ..
وهذا هو واقع الناس فى الحياة : عاملون لا يفوتهم أبدا ثمرة ما عملوا وأحسنوا .. وغير عاملين ، قد يصيبهم الله سبحانه وتعالى برحمته ، وقد يحرمهم! وإذن فالعمل ، وإحسان هذا العمل ، مطلوب من كل إنسان كى يضمن الجزاء الحسن عليه .. فإنه لا يفوته هذا الجزاء أبدا ..
أما من لا يعمل ، ولا يحسن العمل ، فهو بين الإعطاء والحرمان .. فإن أعطى فذلك فضل من فضل الله ، ورحمة من رحمته ، وإن يحرم فعن غير ظلم ، أو بخس ..
قوله تعالى : (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ).
أي أنه إذا كان للنّاس أجرهم فى الدنيا ، وجزاؤهم بما يعملون فيها ، فإن جر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون .. فإنهم يوفّون أجرهم مرتين .. فى الدنيا ، ثم فى الآخرة .. وأجر الآخرة أكبر وأكرم وأهنأ .. أما غير المؤمنين ،