وماذا ترك للضالين ، والمنافقين ، وأعداء الأنبياء؟
قد يكون سائغا أن تنفى عن «محمد» صفة النبوة والرسالة على سبيل المكابرة ، أو من باب الكفر والإلحاد ، ثم يقال : إنه قال فى معبودات قريش ما قال .. إنه لا يعدو أن يكون حينئذ واحدا من مشركى قريش ، الذين يتعاملون مع هذه الآلهة ، ويتعبدون لها.
أما ومحمد نبىّ ، فإنه فى عصمة ، فوق الخطأ وفوق النسيان!
عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ، قال : «قلت يا رسول الله .. أأكتب عنك كل ما أسمع؟ قال : «نعم» قلت : فى الرضا والغضب؟ قال : «نعم» فإنى لا أقول فى ذلك كلّه إلّا حقّا».
والحديث أيّا كان سنده ، فإن القرآن الكريم ينطق بهذا فى قوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى). فهذا حكم قاطع بأن الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ لا ينطق عن هوى ، ولا يبلغ عن الله إلا ما يوحى إليه .. فكيف يكون للقول بأن الرسول نطق بكذا وكذا مما ليس من عند الله ، ثم يتعلّل لذلك بأنه كان سهوا ، أو حديث خاطر ، أو نحو هذا ـ كيف يكون لهذا القول مكان من القبول على أي وجه من الوجوه مع قول الله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)؟
إن تلك الفرية مما دسّ على المسلمين ، فى غير انتباه منهم إليه ، ولا تقدير للشر الذي ينجم عنه ، وشغلهم الخبر بغرابته وإثارته عن أن ينظروا فيه نظرا متفحصا دارسا ..
ولو أنهم فعلوا لما كان لهذا الحديث مكان فى كتب الحديث ، أو الفقه ، أو التفسير ، سواء أكان ذلك لمجرد نقل الخبر ، ثم تجريحه ، وتكذيبه ، أو كان