يكون فى صورة المبغىّ عليه ، والمبغىّ عليه موعود بالنصر من الله : (ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ).
وثالثا : فى قوله تعالى (إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) تذكير بالعفو والمغفرة فى موقف القصاص ، واستحضار عفو الله ومغفرته فى تلك الحال ، الأمر الذي تنحلّ به عزيمة الانتقام ، وتبوخ معه حميّة النقمة والانتقام.
هذا ، والعفو هنا ، إنما هو من قادر ، يملك الانتقام. ومن هنا لا يكون للمعتدى سبيل إلى التمادي فى اعتدائه ، وفى إذلال من اعتدى عليه.
ثم إن الآية الكريمة تضع أمام المسلمين ـ وقد أذن لهم فى القتال فى قوله تعالى فى آية سابقة : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) ـ تضع أمامهم دستورا يقيمهم على أحسن سبيل ، بين العفو والانتقام .. إن شاءوا عفوا ، وإن شاءوا انتقموا .. على حسب الأحوال والأشخاص .. فقد عفا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن كثيرين ممن آذوه ، وآذوا المسلمين ، وحاربوهم ، وقتلوا منهم من قتلوا .. ثم كان منه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ هذا العفو العام عن مشركى قريش يوم الفتح ، حين قال لهم قولته الخالدة : «اذهبوا فأنتم الطلقاء» ـ على حين ـ أنه صلوات الله وسلامه عليه ـ قد أهدر دم بعض الأفراد من هؤلاء المشركين ، وطلب قتل أحدهم ولو وجد متعلقا بأستار الكعبة .. كما قتل النضر بن الحارث صبرا.
قوله تعالى :
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).
الإشارة هنا (ذلِكَ) إشارة ، إلى ما تضمنته الآية السابقة من حكم فى مواجهة العدوان من المعتدين.