قوله تعالى :
(حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ .. كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
(حَتَّى) غاية لمحذوف دل عليه السياق ، والتقدير ، ولكن كثيرا من الناس ، لا يأخذون حذرهم من الشيطان ، ولا يستعيذون بالله منه ، فيفسد عليهم دينهم ، وينقض ظهورهم بالذنوب والآثام ، ثم يظلون هكذا فى غفلتهم (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) وانكشف عن عينيه الغطاء ، ورأى ما قدم من منكرات (قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) إلى دنياى ، (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) ولأصلح من أمرى ما فسد ، وأقيم من دينى ما اعوجّ .. ولكن هيهات .. لقد فات وقت الزرع ، وهذا أوان الحصاد .. (كَلَّا .. إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) أي إنها مجرد كلام يقال ، لا وزن له ، ولا ثمرة منه .. (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ) أي أن هناك سدا قائما ، فاصلا بين الأموات ، وعالم الأحياء .. فلا سبيل لمن أدركه الموت أن يخترق هذا البرزخ ، وينفذ إلى عالم الأحياء مرة أخرى ، وذلك (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ..) حيث يزول البرزخ ، وينتقل الناس جميعا إلى العالم الآخر ، ويصبحون جميعا فى عالم الحق ..
قوله تعالى :
(فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ).
أي فإذا صار الناس إلى هذا اليوم ، يوم النفخ فى الصور ، للبعث ، جاءوا وقد شغل كل منهم بشأنه وتقطعت بينهم الأنساب ، فلا يجتمع قريب إلى قريب ، ولا يلتفت صاحب إلى صاحبه ..