وملكاته ، وأن يفتح لها عقله وقلبه ، حتى يمحصها تمحيصا ، ويقيم لها الأدلة والبراهين .. فإن هو آمن بعد هذا ، كان إيمانه على بصيرة وهدى ، وكان لهذا الإيمان أثره فيه ، وسلطانه عليه .. وإن لم يجد بين يديه «البرهان» المقنع ، والدليل القاطع ، والحجة الملزمة ، فلا عليه أن يمسك عن الإيمان ، حتى تتضح له معالم الطريق إليه ، وحتّى يقع على الدليل الهادي ، الذي يقوده إلى الله مذعنا ، مستسلما! .. فذلك هو الإيمان الذي يطلبه الإسلام من المسلمين ، ويفتح أبصارهم وبصائرهم له.
وليس هذا هو شأن العقل مع قضية الإيمان بالله وحدها ، بل إن ذلك هو الذي ينبغى أن يكون من شأنه مع كل قضيّة من قضايا الحياة ، صغيرها وكبيرها .. إذ كان العقل هو الحاسّة التي يذوق بها الإنسان طعوم الحياة ، ويميز بها الخبيث من الطيب ، والشرّ من الخير ، والنافع من الضار .. تماما كما يذوق باللسان طعوم المأكولات والمشروبات ، حتى لا يدخل على الجسد طعاما فاسدا ، فيفسد طبيعته.
قوله تعالى :
(وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ).
بهذه الآية الكريمة ، تختم السورة .. وبهذه الرحمة الواسعة من ربّ كريم رحيم ، يغاث الناس ، ويتداوون من جراحات الآثام والذنوب ، التي شوهت معالم فطرتهم ، وذهبت بالكثير من جمال خلقهم السّوىّ ، الذي خلقهم الله عليه ..
لقد ركب كثير من الناس طرق الغواية والضلال ، وكادت تضيع إنسانيتهم فى هذا التّيه ، ولكن رحمة الله تداركتهم ، فلقيتهم هناك فى هذا الضّياع ، وأعادتهم إلى مجتمع الإنسانية الكريم ..