وكأنه يؤدى رسالة كريمة فى الحياة ، يرى من الخير أن يشهد الناس وهو متلبس بها .. وهنا يكون الحساب على هذا الفجور العريان ، وعلى تلك الحيوانية الطاغية التي تلبس الإنسان ، وتتمشى به فى الناس ، فى غير خجل أو حياء .. وكيف يستحلّ دم الحيوان ، ولا يباح دم هذا الحيوان من أبناء آدم؟ وهل مثل هذا الإنسان أكرم عند الله أو عند الناس من الحيوان الذي أباح الله دمه ، وأحلّ ذبحه؟
أما حساب الإسلام لمرتكبى هذا الإثم ، فى ستر وخفاء ، فهو مما يتولّاه الله ، ويأخذ به أهله ، يوم يقوم الناس لربّ العالمين ، ويقف المذنبون بذنوبهم بين يدى أحكم الحاكمين ، فيغفر لمن يشاء ، ويعذب من يشاء.
من أجل هذا ، لم تكن عقوبة الجلد أو الرجم تقع ، إلا فى القليل النادر جدا ، على أولئك الذين ينادون على أنفسهم بالفضيحة .. بلا مبالاة أو تحرج ..!
فما فرض الإسلام على المسلمين ـ حكاما أو محكومين ـ أن يفتّشوا على دخائل الناس ، وأن يعمدوا إلى كشف ما ستروه ، وما ستره الله عليهم .. بل إنه سبحانه ـ رحمة بعباده ـ دعا إلى الستر على المبتلين من عباده بمنكر من المنكرات ، وعدّ الكشف عن هذا المنكر من إشاعة الفاحشة فى المؤمنين وتوعّد الذين يذيعونها بالعذاب الأليم .. فقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (١٩ : النور).
روى أن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، وقد بلغه عن امرأة كانت تعلن الفجور ، فقال : «لو كنت راجما أحدا بغير بيّنة لرجمت هذه» وهذه المعالنة التي يشير إليها الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ