هو بيان من الله سبحانه وتعالى للمؤمنين الذين خاضوا فى هذا الحديث ، أو استمعوا له ، أو سكتوا عنه ، وتوجيه لهم إلى الموقف الذي كان ينبغى أن يقفوه من هذه الفتنة ، وتلقين لهم بالكلمة التي كان يجب أن يلقوا بها هذا البهتان العظيم.
فليس للمؤمن إلا موقف واحد من هذا الحديث ، وهو إنكاره ، وبهت المتحدثين به ، ووضعهم موضع التهمة بالكذب والافتراء ..
وفى قوله تعالى : (إِذْ سَمِعْتُمُوهُ) ـ إشارة إلى أن الأمر لم يكن إلا حديثا يدار على الألسنة ، ويلقى به على الأسماع ، وأنه لم يكن عن رؤية ومشاهدة ..
وفى قوله تعالى : (ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا) إشارة أخرى إلى أن هذا الحديث الآثم ، لا ينبغى لمؤمن أن ينطق به ، لأنه عدوان على النبىّ ، وجرح غائر لمشاعره ، وإيذاء شديد له .. وليس مؤمن ذلك الإنسان الذي يسوق إلى النبي شيئا يسوءه ، أو يخدش مشاعره .. والله سبحانه وتعالى يقول : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٦١ : التوبة).
فلو فرض وكان هذا الأمر على شىء من الحقيقة ـ فإن الإيمان بالله ورسوله يقتضى المؤمن أن يدفع هذا السوء الذي يعرض للنبى ، وأن يتلقاه دونه ، ويحمله عنه .. إن وجد إلى ذلك سبيلا ..
أما أن يكون خطبا يزيد النار اشتعالا ، فذلك هو الذي لا يجتمع معه إيمان ، ولا يبقى معه دين .. لأن الإيمان ولاء ، وحب وتقديس ، والدين عبادة وصلاة وتسبيح ..
قوله تعالى :
(يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).