هو دعوة كريمة من رب كريم ، إلى المؤمنين ، ألّا يعودوا إلى مثل هذا الأمر ، وألا يخوضوا فى أعراض المسلمين ، وألا يجعلوا لكلمة السوء مكانا فى قلوبهم ، أو موضعا على ألسنتهم ، أما هذا الحديث الذي حدث ، فالله سبحانه وتعالى ، قد عاد بفضله على الذين عضهم الندم ، وجاءوا إلى الله تائبين مستغفرين ..
فالخطاب هنا موجه إلى كل من كان له مشاركة فى هذا الأمر ، من قريب أو بعيد.
وفى قوله تعالى : (يَعِظُكُمُ اللهُ) ـ إشارة إلى أن الذين اشتركوا فى هذا الحديث لم يهلكوا بعد ، وأنهم مدعوون إلى أن يستمعوا إلى ما يوعظون به ، فإن قبلوا الموعظة وعملوا بها نجوا ، وإلا فهم فى الهالكين.
وفى قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) إشارة إلى أن الذين توجّه إليهم هذه العظة إنما هم الذين يحرصون على الإيمان ، ويدفعون عن أنفسهم كل ما يشين إيمانهم ، أو ينقصه.
قوله تعالى :
(وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
هو إشارة إلى أن ما وعظ به المؤمنون فى الآيات السابقة ، هو ما اقتضته رحمة الله بالمؤمنين ، ببيان الشبهات التي تعرض لهم ، وبألا يؤخذوا بالعقاب قبل أن يبلّغوا البلاغ المبين ، الذي لا شبهة فيه .. وفى هذا يقول سبحانه : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) (١١٥ : التوبة) .. وذلك عن علم العليم ، الذي يعلم من عباده ما لم يعلموا ، ومن حكمة الحكيم ، الذي كشف بالعلم طريق الهدى لعباده ، ليكونوا بهذا العلم أهل حكمة وبصيرة.