قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
هو تعقيب على هذا الحدث العظيم ، بالتنبيه إلى أن الذين يحبون أن تفشو الفاحشة ، وتشيع الفتنة فى مجتمع المؤمنين ـ هؤلاء لهم عذاب أليم فى الدنيا ، وذلك بأنّ يؤخذوا بما رصد من عقاب لأولئك الذين يرمون المؤمنين بغير ما اكتسبوا .. ثم إن لهم عذابا أشد وأنكى من هذا العذاب ، فى الآخرة.
وإشاعة الفاحشة فى المجتمع من يكون أكثر من وجه.
ـ بالإقدام على الفاحشة ، والتعامل بها ..
ـ أو بالمعالنة بإتيان الفاحشة من مرتكبها ، أو التحدث بها إلى الناس ، وإفشاء ما ستر الله منه ..
ـ أو بإذاعة الأحاديث عن الفاحشة ، سواء أكان ذلك فى أهل الفاحشة أم فى غيرهم.
ـ أو بالإصغاء إلى حديث الإثم ، وترك المتحدثين به ، يثرثرون ، دون أن يردعهم رادع ، أو يمسك ألسنتهم أحد ..
فهذه الوجوه ، وما يدخل مداخلها ، كلها مما تشيع به الفاحشة فى المجتمع ، قولا ، وفعلا .. وأنها إذا لم تؤخذ عليها السبل ، من أول الأمر ، استشرى شرها ، وعظم خطرها ، واتسعت دائرتها ، حتى ليصبح المجتمع كله واقعا فى قبضتها .. إنها أشبه بالنار ، تكون أول الأمر شرارة ، فإذا هى لم تعالج فى الحال ، اندلعت ألسنتها ، وعلا لهيبها ، وصارت حريقا عظيما ، لا يقف له شىء ، ولا يدفعه شىء ، فتقع الجماعة كلها تحت الخطر الذي ترمى به ..