عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
هذه الآية موجهة إلى النساء ، وإلى ما ينبغى أن يأخذن أنفسهن به ، من أدب ، واحتشام ، حتى لا يتعرضن للفتنة ، أو يقعن تحت دائرة الشك أو الاتهام ..
وأول ما يأخذن به أنفسهن ، هو أن (يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ..) هذا هو الأمر العام ، الذي يطلب منهن امتثاله ، فلا تملأ المرأة عينها من رجل غير محرم لها ، وأن تحفظ فرجها .. فهذا وذاك أمانة هى مؤتمنة عليها ، وليس من سلطان عليها ، إلا دينها وضميرها ، وعفّتها .. وقد اقترن الأمر بغض الأبصار بحرف من الذي يفيد التبعيض ، لأنه لا يمكن أن يغضّ البصر ، ويقفل قفلا تامّا ، ولهذا لم تجىء من التي للتبعيض مع حفظ الفروج ، لأن الحفظ هنا لا أبعاض له .. ثم هناك أمور .. هى ذرائع إلى الفتنة والإغراء بها ، من جانب الرجال .. فعلى المرأة أن تسدّ هذه الذرائع وتغلق هذه النوافذ ، التي تطلّ بها الفتنة منها على الرجال ، فتكون بذلك داعية فتنة وإغراء بالفتنة سواء قصدت إلى هذا أم لم تقصده ..
وهذه الذّرائع هى ما جاء مفصلا فى الآية على هذا الترتيب :
ـ (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها ..) أي لا يكشفن من أنفسهن إلّا ما لا سبيل إلى ستره وإخفائه ، كالعينين ، والكفّين ، والقدمين.
فالمرأة كلّها «زينة» فى عين الرجل .. حتى صوتها .. ولكن الشريعة الإسلامية نافية للحرج .. وأمر المرأة بإخفاء كيانها كلّه ، مما لا تحتمله النفوس ، ولا تقبله الحياة .. ومن هنا كان الاستثناء بقوله تعالى : (إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) أي إلّا ما لا بدّ من ظهوره ، حتى تعيش المرأة فى الحياة ، وتشارك فيها ، فتنظر بعينيها وتعمل بيديها ، وتسعى بقدميها ..