أما إذا انحرف ، وفسد ، فإنه ينزل عن هذه الخلافة ، ويخلى مكانه منها ، ليأخذ مكانه بين حيوانات الأرض ودوابّها.
ـ وقوله تعالى : (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ـ إشارة إلى من استخلفهم الله من عباده المؤمنين الصالحين ، بعد أن أهلك القوم الظالمين .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ) (١٣ ـ ١٤ : إبراهيم) .. وكذلك قوله سبحانه : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (١٠٥ : الأنبياء).
فالمؤمن بالله ، المستقيم على طريق الحق والهدى ، هو أقوى الناس قوة ، وأقدرهم على جنى أطيب الثمرات مما على هذه الأرض .. وبهذا يكون له السلطان المتمكن فيها ..
ـ قوله تعالى : (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ) أي أن المؤمنين الذين عرفوا حقيقة الإيمان ، وأدوا ما يقتضيه الإيمان منهم ، من عمل صالح ـ هم أهل لأن يجمعوا إلى أيديهم الدنيا ، والدين جميعا ، فتكون لهم العزة ، ويكون لدينهم الغلب والتمكين.
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ..) فالمؤمنون الذين لهم العزة هنا ، إنما يستمدون عزتهم من عزة الرسول ، الذي يستمد عزته من ربه ..
فهم بهذا موصولون بالله ، باتباعهم رسول الله ، وما أنزل إليه من ربه.
وهيهات أن يكون لإنسان ذليل ضعيف ، دين ، أو أن يقوم دين لدولة فى مجتمع مريض هزيل!