أن يلتمسه عند أىّ من الأقارب ، وأن ينال منه شبعه ، بإذن أو بغير إذن .. هكذا التكافل بين الأقارب وذوى الأرحام ..
ومناسبة هذه الآية لما قبلها ، هى أن الآيات السابقة ، كانت دستورا يحكم العلاقة بين الأقارب ، وذوى الأرحام ، من رجال ونساء ، فى اختلاط بعضهم ببعض ، كما أنها تحكم العلاقة بين المسلمين عامة ـ من رجال ونساء ـ فى دخول البيوت ، بعد الاستئذان ، والإذن من أصحابها ..
ولما كان هذا الاختلاط بين الأقارب ، وهذا لتزاور بين المسلمين عامة ، يضع المخالطين والزائرين فى أحوال يشهدون فيها طعاما بين يدى أهل البيت الذي دخلوا إليه مستأذنين ـ فقد كان من تمام الحكمة أن تبين الشريعة ما يقضى به الموقف إزاء هذا الطعام الممدود ، وهل من حرج على من يحضره أن يتناول منه ، إذا دعى إليه؟ إن الذي دخل البيت هنا لم يكن يقصد الطعام الذي حضرة .. وربّما يقع فى شعور أهل المنزل أنه جاء يطلب الطعام ، ويرصد وقته ، وقد يكون الزائر جائعا فعلا ، ونفسه تشتهى هذا الطعام ، ولكنه يتحرج أن ينال منه ..
إن هناك مشاعر كثيرة مختلطة تشتمل على أهل الدار وعلى زائرهم .. فكان ما جاءت به الآية الكريمة هنا ، ما يصحح هذه المشاعر ، ويقيمها على ميزان حكيم عادل كما سنرى ..
فقوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ ، وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ، وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ ..) ـ هو رفع للحرج عن هذه الأصناف التي ذكرتها الآية ، من أن يستطعموا ، ويطعموا من تلك البيوت التي يطرقونها ولا حرج عليهم فى هذا ..
أما الأعمى ، والأعرج ، والمريض .. فإنهم حين يقعون تحت داعية الحاجة