مجربات الأمور قد أفلت منه ، ولم يقدر على الإمساك به ، ولو استعان بمئات من الأشخاص والأدوات المسجلة والمصورة.
وهذا يكشف لنا عن أمرين :
أولهما : استحالة نقل الحدث ، مهما صغر ، نقلا كاملا بملابساته جميعها ، مما حواه زمانه ، واشتمل عليه مكانه.
وثانيهما : أن نقل الملابسات التي تتلبس بالحادث ـ على فرض إمكانها ـ لا داعية إليه في التعرف على وجه الحادثة ، والاستدلال على مشخصاتها ، والوقوف على ما يحتاج إليه منها ، إذ يكفى من هذه المشخصات ما يصور الملامح الواضحة ، للحادث ، ويشخّصه.
***
وبدهيّ أن القصص القرآنى إذ ينقل صورا من أحداث الماضي ، فإنه لا ينقل كل ما تلبّس بها من قريب وبعيد ، وإنما يأخذ منها ما كان ذا دلالة واضحة عليها ، فى الكشف عن الوجه المعبر منها عن الحدث ، والمضمون الذي اشتمل عليه ..
وإذا كان ذلك كذلك في القصص القرآنى ، فإنه يعنى أن هذا القصص لم يجىء بالواقع كله ، بل أخذ منه بعضا وأعرض عن بعض ، ويعنى أيضا أن هناك تفاوتا واختلافا كثيرا أو قليلا بين هذا القصص وبين الواقع ..
وهذا يعنى ـ مرة ثالثة ـ أن القصص القرآنى مغاير للواقع على نحو ما.
وهذا يعنى ـ مرّة رابعة ـ أن هذا القصص قد تصرّف في الأحداث ، كما يتصرف القصصيّ في الأحداث الواقعة ، حين يؤلف منها قصة من