«وفي سورة هود» عرض لهذه القصة ، فى معرض قصص الأنبياء .. نوح ، وهود ، وإبراهيم ، ولوط ، وشعيب ، وموسى.
والعرض الذي جاء هنا ، هو مماثل في مضمونه للعرض الذي جاء في سورة هود ، كما هو مماثل للمعارض التي جاءت في مواضع أخرى من القرآن ، والتي تختلف بسطا وقبضا ـ ومع هذا ، فإن في كل معرض دلالة جديدة ، هى في معرضها روح يسرى في كيان الحدث كله ، فإذا انضمت إلى غيرها ، امتزجت بالروح الساري هناك ، كما ينضم النور إلى النور ، فتتسع رقعة الضوء ، ولا تتغير صفته ، أو كما تجتمع قطرات المطر بعضها إلى بعض ، فيكثر كمها ، والماء ، هو الماء ، صفاء ، ونقاء ، وطهرا.
وقد عرضنا لهذا في مبحثنا : «التكرار في القصص القرآنى» وعرضنا نموذجا للتكرار الذي جاء في قصة موسى : ورأينا كيف كان هذا التكرار مجسّما للأحداث ، محركا لها ، كاشفا عن ظاهرها وباطنها جميعا .. وهذا ما نجده في كل تكرار جاء في القصص القرآنى ، أو في غيره من الموضوعات التي عنى القرآن الكريم بإبرازها ، فى جميع وجوهها .. وهذا ما سنراه في قصة صالح ، إذا نحن جمعنا للواضع التي ورد فيها ذكر من هذه القصة ..
هذا ، ويلاحظ التشابه القوى بين مواقف الأقوام من رسلهم ، على اختلاف أزمانهم وأوطانهم .. إن رسلهم عندهم بموضع تهمة .. فهذا ساحر ، أو مسحور ، وهذا شاعر أو مجنون ، وذك دعى يتلقى من غيره ما يحدّث الناس به .. إلى غير ذلك ، مما يرمونهم به ، من بذيء القول ، وسفيه الحديث .. كما يلاحظ الشبه الكبير بين قوم عاد ، وقوم ثمود .. من حيث فراهة الأجسام وقوة البناء. وذلك مما يقوم شاهدا على أنهم كانوا على قرابة قريبة فى النسب والجوار.