بها ، وبكل ما جاء فيها .. وإن كانت الثانية ، طرحوها ، وبحثوا عن وثائق أخرى ، يجدون فيها الصدق الذي يطمئنون إليه ..!
***
ولو أننا تركنا هذه المفتريات جانبا ، وضربنا صفحا عنها ، لما وقع عندنا أن أحدا يعقل ـ مجرد العقل ـ أو يفهم ـ أدنى الفهم ـ يأخذ بهذه المقولات ، ويضيف شيئا منها إلى سيرة الرسول ، يمس جانب النبوة فيه ، أو يغمز الصلة القائمة بينه وبين السماء ، ورسول السماء!
فليس يصح في عقل عاقل أن تجىء المصادر الإسلامية ، بما يتهم الرسول بالصرع والجنون .. إذ كيف يسوغ لمؤمن ، أن يروى حديثا عن رسول الله ، أو ينقله عنه إمام من أئمة الحديث ، ويكون في هذا الحديث ، ما يعزل النبي عن النبوة .. ثم يصدّق بنبوته ، ويدين بشريعته ، ويتعبّد بالقرآن الذي نزل عليه؟.
هذه واحدة ، تفضح فهم الملحدين لهذه الأخبار ، وتخريجهم الملتوى السقيم لها .. وأخرى .. يسجلها الواقع ، ويشهد لها التاريخ شهادة ناطقة بلسان بيّن على مدى أربعة عشر قرنا من الزمان ـ وهي أنه ما كان لمصروع أو مجنون أن يقيم مجتمعا يدين لرسالته بالولاء ، تلك الأجيال المتعاقبة عبر القرون ، وتزداد مع الأيام اتساعا وامتدادا .. لا بعصبيّة أهله ، ولا بقوة أتباعه ، وإنما بما في الرسالة ذاتها من قوى ذاتية ، تلقى الناس في كل أفق من آفاق حياتهم ، وتلتقى مع كل طريق يتجهون فيه إلى الحق والخير ، والعدل ، والإحسان!
ويكفى هذا وحده ، فى فضح هذا الزور ، وإلباس أهله الخزي والصغار! أمجنون ، مصروع ، يبنى دولة ، وينشىء نظاما ، ويقيم دينا يعيش في الناس