ومثل ثالث ..
«أم حبيبة» زوج النبي ، وبنت أبى سفيان ، يدخل عليها أبوها في منزلها بالمدينة ، قبل أن يدخل في الإسلام ، وكانت قريش قد بعثته ، ليوثّق الهدنة التي كانت بينها وبين المسلمين وليزيد في مدتها ..
وليس هذا ، هو المهم .. وإنما المهم هو الآنى :
عند ما دخل أبو سفيان على ابنته أم حبيبة ، أراد أن يجلس ، ولم يكن فى البيت غير فراش الرسول شىء يمكن أن يصلح للجلوس .. فهمّ أن يجلس على هذا الفراش ، ولكن ابنته ردته عنه ، وطوته دونه .. فعجب لذلك ، وقال : يا بنية .. ما أدرى أرغبت بي عن هذا الفراش ، أم رغبت به عنى؟ قالت بل هو فراش رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنت رجل مشرك .. نجس .. ولا أحب أن تجلس على فراش رسول الله! فقال : والله لقد أصابك يا بنية بعدي شر (١)!!».
والصورة في غنى عن كل تعليق. وحسبنا أن ننظر فنرى أبا سفيان سيد قريش ، يدفع عن أن يلمس فراش رسول الله ، ثم أن تكون اليد التي تدفعه ، هى يد ابنته.!
***
وليس هذا الحب والتقدير للنبى ، وقفا على أتباعه ، بل إن كثيرا من أحرار العقول والقلوب ، من مفكرى الغرب ، قد انتصروا للحق ، فرأوا «محمدا» على صورة أقرب إلى تلك الصورة التي يراها عليه أكثر أتباعه معرفة به ، وحبا وإكبارا له ..
__________________
(١) زاد المعاد. جزء ١ ص ٥٦.