تجاوبا معها ، فى الاتجاه إلى غايات الشر ، ومواقع الضلال .. (تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) .. فهذا هو متنزل الشياطين ومهبط وحيهم .. أن يتنزّلوا على أهل الإفك والإثم ، وعلى من يتعامل بالإفك والإثم ، الذي هو كل بضاعتهم .. وفي هذا يقول الله تعالى : (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ) (١٢١ : الأنعام)
والأفّاك : كثير الإفك ، وهو افتراء الأحاديث واختلاقها ونسجها من خيوط الباطل والبهتان ..
والأثيم : كثير الإثم ، وهو المقرف للآثام والمنكرات ، دون تحرّج أو تأثّم ..
وإذن ، فالقرآن ـ فى ذاته ـ بمعزل عن الشياطين ، لا يدنون منه ، ولا يطوفون بحرمه.
والنبيّ ـ فى ذاته ـ على طبيعة من الصفاء والنّقاء والطهر ، لا يقترب منها الشيطان ، الذي هو طبيعة خبيثة قذرة ، لا تميل إلا إلى الخبث والقذر .. شأن الذباب الذي يتهافت على الأقذار ، ويتجنب كل نظيف طاهر! وإذن ، فإن ما يتحدث به الرسول لن يكون من تلقيات الشياطين أبدا ، سواء أكان ما يتحدث به منسوبا إلى السماء ، أو منسوبا إليه.
قوله تعالى :
(يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ).
الضمير فى «يلقون» يعود إلى الشياطين .. والمراد بإلقائهم السّمع ، أنهم يتجهون بأسماعهم إلى الملأ الأعلى ، ليسترقوا السّمع ، ويتحسّسوا ما يكون من أنباء عن العالم الأرضى هناك .. حتى إذا وقع لهم شىء من ذلك ألقوا به إلى أوليائهم من الإنس ، ليضلّوهم ، ويجعلوا منهم صنائع لهم ..