المعجز : (وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً)! ..
ـ وفي قوله تعالى : (أُمِّ مُوسى) ـ إشارة إلى أن هذا الوليد ، قد أصبح ـ فى رعاية الله ، وفي ضمان وعده بحفظه ـ قد أصبح ذا وجود معترف به في هذا المحيط الذي ضاعت فيه معالم الأطفال ، وأهدرت فيه دماؤهم .. إنه الآن شخصية معروفة ، وعلم ظاهر ، يأخذ مكانه في هذه الأحداث ، تماما كما يأخذ فرعون مكانه فيها ..
ـ وقوله تعالى : (إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ) .. أي أنها ـ وقد فرغ قلبها من هذا المهد الذي كان لوليدها في سويداء القلب ـ أو شكت أن تصرخ وتندب هذا الوليد ، وتنادى في الناس : إن هذا الطفل الذي وجد ملقى في اليمّ والذي التقطه آل فرعون هو وليدها .. وإنها لتود أن تلقى عليه ولو نظرة واحدة ، قبل أن يصير إلى هذا المصير المجهول!
ـ وقوله تعالى : (لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها) ـ أي أمسكنا على قلبها ما فيه من نوازع تريد الانطلاق إلى الكشف عن وجه الوليد ، وفضح أمره ..
ـ وقوله تعالى : (لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ـ تعليل لهذا لربط الذي ربط الله سبحانه ، به على قلبها ، وهو أنها بعد أن تتكشف لها الأمور ، ستعلم أن ما وعدها الله حقّ ، وبهذا يتأكد إيمانها بالله ، ويقوى يقينها به وفي هذا إشارة إلى أن ما يبتلى به المؤمنون الصابرون من أرزاء ومحن ، هو تثبيت لإيمانهم ، وترسيخ لقواعد هذا الإيمان في قلوبهم ، حيث ينكشف لهم وراء كل رزء ، وعقب كل محنة ، أن ذلك لم يكن إلا عن تدبير الحكيم العليم ، وأنهم لو استقبلوا من أمورهم ما استدبروا ، لما أقاموها إلا على هذا الوجه الذي أقامه الله ربّ العالمين ، وبهذا ينتقلون من حال القلق ، والجزع في مواجهة المصائب والمحن ، إلى حال التسليم ، والرضا .. وهذا هو الإيمان في أرفع مقاماته ، وأعلى منازله ..