ـ (فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ) أي في خفر ، وحياء ، شأن الحصان العفيفة .. وحسبها أنها ربيبة بيت النبوة.
وانظر في قوله تعالى : (تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ) .. يا لله ، ويا لروعة كلامه المعجز المبين .. لقد تجسد الحياء ، فكان بساطا ممدودا على طريقها إلى موسى .. إنها لا تمشى على الأرض ، ولكنها تمشى على حياء ، تتعثر فيه قدماها ، وتقصر به خطاها ، ويضطرب له كيانها ..
ـ (قالَتْ : إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا) إنها رسول أبيها ، الذي عرف موسى من أمره أنه «شيخ كبير» ولو كان في استطاعته أن يسعى إلى موسى لما بعث بابنته إليه ، ولجاء إليه بنفسه ، يدعوه إلى النزول عنده .. وهو الغريب ، الذي لا مأوى له في هذا البلد ..
والمراد بالأجر هنا ، ليس مجرد الأجر المادي ، وإنما هو جزاء إحسان بإحسان ، ولقاء معروف بمعروف ..
ـ (فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
لقد التقى الرجلان .. موسى وشعيب .. وكان بينهما حديث ، أفضى به موسى إلى مضيفه ، وعرف المضيف بهذا الحديث من يكون ضيفه ، ومن اى بلاد جاء ، وما سبب مجيئه .. فلما عرف شعيب ما وقع لموسى من أحداث ، آواه إليه ، وأمّنه ، قائلا : (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). فإنك هنا بحيث لا تنالك بد فرعون.
وهنا تظهر الأنثى التي تطلب الرجل الذي تطمع في أن يكون رجلها الذي تحلم به ، وتنتظر الأيام تجئ به ، ليطرق بابها!
(قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)