هو عرض لأهل الإيمان ، الذين تقبل الله سبحانه منهم أحسن ما عملوا ، وتجاوز عن سيئاتهم ، وأدخلهم منازل رضوانه ..
وهذا العرض لأصحاب الجنة ، وما يلقون عند الله من رضوان ـ هو مما يضاعف فى حسرة الكافرين ، ويزيد فى قسوة البلاء المحيط بهم .. فإن أهل البؤس ، يزداد بؤسهم ، حين يرون النعيم الذي يعيش فيه غيرهم ، ولو أنهم كانوا يعيشون وحدهم ، فى عزلة مع بؤسهم ، لخفّف ذلك كثيرا من عناء ما يعانون من قسوة الحرمان ..
وفى التعبير عن المؤمنين النازلين بالجنة ، بأنهم أصحاب الجنة ـ إشارة إلى التمكين لهم من كلّ ما فيها من نعيم ، وأنهم أصحابها المالكون لها ، يتصرّفون فيها تصرّف المالك فيما ملك ، من غير مراجعة أو حساب ، كما يقول سبحانه وتعالى لهم : (تِلْكُمُ الْجَنَّةُ ، أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤٣ الأعراف).
والمستقرّ : مكان الاستقرار ، والأمن ، والطمأنينة ، حيث لا يجد الإنسان داعية للتحول عنه ..
والمقيل : مكان القيلولة وقت الظهيرة ، حيث الظلّ الذي يفرّ إليه الإنسان من الحرور فى ذلك الوقت.
فأصحاب الجنة فى أمن واستقرار ، وفى ظلّ ظليل من حرّ الشمس ، ولفح الهجير .. وتلك أمنية يتمنّاها الذين يعانون حياة الصحراء ، ويكتوون بنار شمسها المحرقة ، كما يقول سبحانه وتعالى : (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) (١٤ : الإنسان) .. أما الذين يعانون حياة البرد ولفحات الزّمهرير ، فإنهم سيجدون أمنيتهم فى جوّ معتدل ، لا تحرقهم شمسه ، ولا يلفحهم برده ، كما يقول سبحانه : (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) (١٣ : الإنسان).