وقيل بل صلبه الرشيد ، ثم بعث الخليفة شمّاخا اليماميّ دسيسة ، وكتب معه إلى أمير إفريقية ، فتوصّل إلى إدريس ، وأظهر أنّه شيعيّ متحرّق ، وأنّه [يلمّ] بالطّبّ (١) ، فأنس به إدريس ، ثم شكى إليه وجعا بأسنانه ، فأعطاه سنونا (٢) مسموما ، وأمره أن يستنّ به سحرا ، وهرب الشّمّاخ في الليل ، واستنّ إدريس فتلف (٣) ، فقام بعده ولده إدريس بن إدريس. فتملّك هو وأولاده بالمغرب زمانا بناحية تاهرت ، وانقطعت عنهم البعوث (٤). وجرت للإدريسيّة أمور يطول شرحها ، وبنوا القصور والمدائن.
[بعض سيرة الحسين بن علي]
وحكى عليّ بن محمد بن سليمان النّوفليّ قال : حدّثني يوسف مولى آل حسن قال : كنت مع الحسين بن عليّ المقتول لمّا قدم على المهديّ ، فأجازه بأربعين ألف دينار ، ففرّقها في الناس ببغداد والكوفة ، فو الله ما خرج من الكوفة إلّا وعليه فرو وما تحته قميص ، وكان يستقرض في الطريق من مواليهم ما يموّنهم (٥).
قال النّوفليّ : وحدّثني أبو بشر قال : صلّيت الغداة في يوم خروج الحسين صاحب فخّ بالمدينة ، فصلّى بنا ، وصعد المنبر وعليه قميص أبيض ، وعمامة بيضاء ، قد سدلها من بين يديه ، وسيفه مسلول قدّامه ، إذ أقبل خالد البربريّ وأصحابه ، فبدره يحيى بن عبد الله ، فشدّ عليه خالد ، فضربه يحيى فقتله ، فانهزم أصحابه ، ثم رجع يحيى فقام بين يدي الحسين ، وسيفه يقطر دما ، فقال الحسين في خطبته : أيّها النّاس ، أنا ابن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وعلى منبر رسول الله ، يدعوكم إلى كتاب الله وسنّة رسول الله ، فإن لم أف بذلك
__________________
(١) العبارة مضطربة في الأصل ، وفي تاريخ الطبري ٨ / ١٩٩ : «ذكر أنه متطبّب».
(٢) السنون : ما استنّت به.
(٣) تاريخ الطبري ٨ / ١٩٩ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٩٣.
(٤) الكامل في التاريخ ٦ / ٩٤ ، وانظر : المعرفة والتاريخ ١ / ١٥٩.
(٥) تاريخ الطبري ٨ / ٢٠٠.