إبراهيم بن أدهم حصد ليلة ما يحصد غيره في عشرة أيام ، فأخذ أجرته دينارا.
أخبرنا إسحاق الصّفّار : أنا يوسف الحافظ ، أنا عبد الرحيم بن محمد ، أنا أبو عليّ الحدّاد ، أنا أبو نعيم ، نا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق السّراج (١) ، سمعت إبراهيم بن بشّار ، قلت لإبراهيم بن أدهم : كيف كان بدوّ أمرك؟ قال : غير ذا أولى بك ، قلت : أخبرني لعلّ الله أن ينفعنا به يوما ، فقال : كان أبي من أهل بلخ ، وكان من ملوك خراسان المياسير ، وحبّب إلينا الصيد ، فخرجت راكبا فرسي ومعي كلبي ، فبينما أنا كذلك ثار أرنب أو ثعلب ، فحرّكت فرسي ، فسمعت نداء من ورائي : ليس لذا خلقت ، ولا بذا أمرت ، فوقفت انظر يمنة ويسرة ، فلم أر أحدا ـ فقلت : لعن الله إبليس ، ثم حرّكت فرسي ، فأسمع نداء أجهر من ذلك : يا إبراهيم ليس لذا خلقت ، ولا بذا أمرت ، فوقفت انظر ، فلا أرى أحدا ، فقلت : لعن الله إبليس ، ثم حرّكت فرسي ، فأسمع نداء من قربوس (٢) سرجي : يا إبراهيم ما لذا خلقت ، ولا بذا أمرت ، فوقفت وقلت : انتهيت انتهيت ، جاءني نذير من ربّ العالمين ، والله لا عصيت الله بعد يومي إذا ما عصمني ربّي. فرجعت إلى أهلي ، فخلّيت عن فرسي ، ثم جئت إلى رعاة لأبي ، فأخذت منه جبّة وكساء ، وألقيت ثيابي إليه ، ثم أقبلت إلى العراق فعملت بها أياما ، فلم يصف لي منها الحلال ، فقيل لي : عليك بالشام ، فصرت إلى المصّيصة ، فعملت بها ، فلم يصف لي الحلال ، فسألت بعض المشايخ فقال : إن أردت الحلال الصافي فعليك بطرسوس ، فإنّ فيها المباحات والعمل الكثير ، فأتيتها ، فعملت بها انظر في البساتين وأحصد ، فبينما أنا على باب البحر جاءني رجل انظر له ، فكتبت في البستان مدّة ، فإذا بخادم قد أقبل ومعه أصحابه ، فقعد في
__________________
(١) في حلية الأولياء ٧ / ٣٦٨ : «حدّثنا إبراهيم بن عبد الله بن إسحاق السراج».
(٢) القربوس كحلزون : حنو السّرج ، وهما قربوسان : مقدّم السرج ومؤخّره ، ويقال لهما : حنواه. وجمعه قرابيس. (تاج العروس ٤ / ٢١٤).