[عمارة المهديّ طريق مكة]
وفيها أمر المهديّ بعمارة طريق مكة وبنى بها قصورا ، وأوسع من القصور التي أنشأها عمّه السّفّاح ، وعمل البرك ، وجدّد للأميال ، ودام العمل في ذلك حتّى تمّ عشر سنين ، وأمر بترك المقاصير الّتي في جوامع الإسلام ، وقصّر المنابر وصيّرها على مقدار منبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١).
* * *
[نكبة الوزير أبي عبيد الله]
وفيها انحطت رتبة الوزير أبي عبيد الله ، فإنّه لما رأى غلبة الموالي على المهديّ نظر إلى أربعة من أهل العلم فصيّرهم من جلساء المهديّ ، ثمّ إنّ أبا عبيد الله الوزير كلّهم المهديّ في أمر ، فعرض له رجل من هؤلاء الأربعة في ذلك الأمر ، فسكت الوزير ، ثم خرج فأمر بإبعاده عن المهديّ (٢).
وكان أبو عبيد الله ذا تيه وكبر بحيث أنّه لمّا قدم الربيع الحاجب من الحجّ جاءه مسلّما ، فلم ينهض أبو عبيد الله له ، فتألّم ولم يزل يعمل عليه ، إلّا أنّ أبا عبيد الله كان حاذقا بالتّصرّف ، كافيا ، ناصحا لمخدومه ، عفيفا ، ويرمى بالقدر (٣).
ثم إنّ الربيع سعى في ابن للوزير ، واتّهمه ببعض خطايا المهديّ ، إلى أن استحكمت التّهمة عند المهديّ ، فقال له : يا محمد ، اقرأ ، فذهب ليقرأ ، فاستعجم عليه القرآن ، فقال لأبي عبيد الله : يا معاوية ألم تزعم أنّه قد جمع القرآن؟ قال : بلى ، ولكنّه نسي. قال : فقم فأقتله ، فذهب الوزير ليقوم فسقط من قامته ، فقال عبّاس عمّ المهديّ : إن رأيت يا أمير المؤمنين أن تعفيه ،
__________________
(١) تاريخ الطبري ٨ / ١٣٦ ، والبدء والتاريخ ٦ / ٩٦ ، والعيون والحدائق ٣ / ٢٧٣ ، والكامل في التاريخ ٦ / ٥٥ ، ونهاية الأرب ٢٢ / ١١٣ ، والبداية والنهاية ١٠ / ١٣٣ ، وتاريخ الخلفاء ٢٧٣ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٨ ، ومآثر الإنافة للقلقشندي ١ / ١٨٦.
(٢) تاريخ الطبري ٨ / ١٣٦ و ١٣٧.
(٣) تاريخ ابن خلدون ٣ / ٢٠٩ ، ٢١٠.