من دون الله ، حيث يتلفتون فلا يجدون لهم أثرا فى هذا اليوم الذي يرجونهم له .. وأيقنوا أن لا محيص لهم ، ولا نجاة من العذاب الواقع بهم ، وقد تخلى عنهم أولياؤهم الذين كانوا يعبدونهم من دون الله ..
والظّنّ هنا بمعنى العلم واليقين.
والمحيص : المفرّ ، والخلاص من هذا المأزق.
قوله تعالى :
(لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ).
تشرح هذه الآية والآيات التي بعدها ، النفس الإنسانية ، وتكشف عن داء الطمع والشّره ، وحب الاستكثار من المال والمتاع ، المتمكن منها ، دون أن يقف بها الأمر عند حدّ القناعة ، أو الشبع .. بل إنها كلّما كثر لديها ما تشتهى من مال ومتاع ، ازدادت جوعا وطلبا ..
كالحوت لا يكفيه شىء يلقمه |
|
يصبح ظمآن وفى البحر فمه |
ـ (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) أي لا يمل من طلب الخير لنفسه ، من مال ومتاع ، وولد ، وجاه وسلطان .. إلى غير ذلك مما يطلبه الناس ، ويتنافسون فيه ..
وسميت هذه المطالب خيرا ، لأنها فى أصلها من نعم الله ، وهى فى ذاتها خير ، ولكنها حين تصبح غاية لا وسيلة ، تكون فتنة وبلاء.
والمراد بدعاء الخير ، هو طلبه واستدعاؤه ، والسّعى الجادّ لتحصيله ، لأنّ هذه الأشياء إنما يطلبها الإنسان ، لأنها غائبة عنه ، فهو يستدعيها إليه ، ويهتف بها من أعماقه أن تجيبه ، وتدنو منه.