ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) (الآيتان : ٥٢ ـ ٥٣) ..
(فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ) ..
المراد بالأخذ هنا ، الأخذ الذي يرد بصاحبه موارد الهلاك ، وأخذ الله سبحانه لا يكون إلا حيث تقع نقمه ، وينزل بلاؤه .. مثل قوله تعالى لفرعون : (فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) (٢٥ : النازعات) ..
وقوله تعالى : (فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ) أي ألقيناهم فى اليم ، أي البحر ، ونبذ الشيء ، طرحه وإلقاؤه دون مبالاة ..
وقوله تعالى : (وَهُوَ مُلِيمٌ) جملة حالية ، تصف الحال التي كان عليها فرعون ، حين نبذ هو وجنوده فى اليم ..
والمليم. المستحق للّوم ، وفعله : ألام : أي أوقع نفسه فيما يلام عليه ..
وفى عود الضمير على فرعون وحده فى قوله تعالى : (وَهُوَ مُلِيمٌ) ـ إشارة إلى أنه هو وحده الذي يحمل وزره ووزر قومه ، إذ كان هو داعيتهم إلى هذا الضلال .. أما قومه فإن كلا منهم يحمل وزر نفسه ، لمتابعته الداعية الذي دعاه إلى هذا الضلال ..
(وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) ..
معطوف على قوله تعالى : (وَفِي مُوسى) ـ فهو عطف حدث على حدث ..
والريح العقيم ، هى الريح التي فسدت طبيعتها ، فلا تلد خيرا أبدا ، بل تلد الهلاك والدمار لمن تشتمل عليه ، وتلفّه فى كيانها ، والأصل فى الريح أنها