والله ـ سبحانه ـ هو الذي أخرج ضحى هذه السماء ، وأضاء سراجها ، وأوقده ، بعد أن أخرجه من عالم الظلام.
والإشارة إلى الضحى ، من بين أوقات النهار ، إلفات إلى الوقت الذي يمتد فيه نور الشمس ، فيغمر الآفاق كلها .. وهو ما يسّمى رائعة النهار.
قوله تعالى :
(وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها. أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها. وَالْجِبالَ أَرْساها. مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ).
أي والله سبحانه ، هو الذي دحا الأرض ، وبسطها ، بعد أن رفع السماء وسواها ..
وهو سبحانه الذي أخرج من هذه الأرض الماء الذي فيه حياة كل حى .. وبهذا الماء أخرج الله المرعى ، أي ما يأكله الناس والأنعام ..
والماء الذي يخرج من الأرض ، هو من هذا الماء الملح ، الذي سخرته القدرة الإلهية ، ليكون بخارا ، فسحابا ، فمطرا ، فماء عذبا تفيض به الأنهار ، وتتفجر منه العيون .. وكما أخرج الله سبحانه الماء والمرعى من الأرض ، أرسى فيها الجبال لتمسكها وتحفظ توازنها ..
وقوله تعالى : (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) هو مفعول له ، أي دحا الله الأرض وأخرج منها الماء والمرعى ، متاعا لكم ولأنعامكم وزادا تتزودون به لحياتكم وحياة أنعامكم ..
وفى جعل المرعى متاعا للناس والأنعام ـ إشارة إلى أن الناس والأنعام سواء فى هذا الرزق الذي أخرجه الله سبحانه وتعالى من الأرض ، وأن العقل الذي امتاز به الناس على سائر الحيوان ، ليس هو الذي يفيض عليهم هذا الرزق ، وإنما هو فضل من فضل الله ، ورزق من رزقه! إنهم يرزقون من فضل الله كما ترزق الأنعام .. سواء بسواء ..