غلوا حتّى زعم بعض اهل اللجاج من المخالفين انّ هذه العقيدة من الغلاة واحتسبوه الشيعة منهم ، ولكنّها ليست
كذلك بل مستند الى الاخبار ودليل العقل لأنّ الولي في اصطلاح الاخبار وعند العرفاء بمعني الاولى بالتصرف كما قال تعالى شأنه : (اللّهُ وَلُِّ الَّذِنَ آمَنُواْ) ، وقال عزّوجلّ : النبيّ اولي بالمؤمنين من انفسهم ، وهذا المعني أيضاً حقيقة مشككة ذات مراتب متفاوته باختلاف المظاهر الكاملة في كل زّمان ويشمل جميع الانبياء والاولياء الكمّل المطاعين في كل زمان وهم بعد رسول الله محمّد (ص) الأئمة المعصومين الاثنى عشرعليهم السلام ، والمرتبة العالية من هذه الحقيقة متحدة مع مقام المشية والواحديّة وتجلّى الاسماء والصّفات ومقام الجامعيّة المسمّى بالله والفيض المقدّس الذي كان محمد (ص) وبعده عليّ بن ابيطالب عليهما السلام مظهر اتاماً ومرآة له ، وهذا المرتبة محيطة بما سوى الله فكذا مظهره التام وهو الرّسول صلّى الله عليه وآله وبعده خلفاءه واوصياؤه المعصومون ، فكما يكون الايمان والكفرفي المقام العالي منتسباً الى هذا المرتبة كذا في مقام المظهر والمرآة ، والايمان بالمظهر ايمان بالظاهر والكفربه كفربه ، والاخبار ايضاً دالّة عليه بل يمكن ان نقول : هو من اصول التّشيّع.
٣ ـ ومنها اهتمام المؤلف الجليل بالجمع والتطبيق بين الاخيار المحتلفة في تفسير الآيات بقدر الامكان وعدم طرد حديث ، كالاخبارالواردة في الشجرة المنهية في قصّة آدم فانّه فسّرها بحيث ينطبق على جميع ماورد الاخبار ، وكذا التفاسير المختلفة في آية «ولقد همّت به وهمّ بها لولا ان رآى برهان ربّه» وغيرها من الآات الا ف الموارد النّادرة حيث طرد بعض اقوال المفسرين اوخدش في صحّة بعض الاخبار لكونها على خلاف عقيدته كتفسير آة «فأنزل الله سكينته عليه وايّده بجنود لم تروها» وغيرذلك.
٤ ـ ومنها اصلاحه في الولاية وتسمية الاتّصال بها بالوصلة تشبيهاً له بالوصلة المعمولة عند الفلاحين في الاشجار لتربيتها ونموّها وصلاح ثمرها فانّ اكثر الاشجار المثمرة لا تثمر بدون الوصلة او يكون ثمرها سخيفاً رديئاً او مراً الا اذا التصق وصلة الشجر المثمر ذو الثّمر الشريف وان لم يفسد الوصلة تنمو بعدها.
فكذا الانسان يكون مثل هذا الشجرولا يبلغ بكماله المنظور الا اذا اتّصل وصلة الولاية الا لهيّة به وهي اصل الخيرات ومبيع السعادات وسبب لطهور الاثمار الشريفة وموجبة لتبديل الاثمارالفاسدى الرّديّة من الاخلاق الفاسدة وغيرها بالثمرالقوي الشريف وهو الكمال المنظور، وايضاً شبّه هذا الاتّصال بالانفحة (١) حيث يصير اتّصال الحليب به سبباً للانعقاد.
٥ ـ ومنها انّ المفسّر الحبر العّلامة اهتم بحل المعضلات العلميه الموجود في القرآن ببان سهل مستند ال المطالب الکلامة والفلسفية والعرفانية مع تطبيقها على الاخبار وذلك التّطبيق كان دأبه في جميع الموارد ولم يقدم على بيان آية او معضلة في القرآن الا مع الاستناد بالاحاديث المرويّة عن المعصومين عليهم السلام وفي بيان الموضوعات المشكلة والمطالب المعضلة ايضاً كان مهتماً بهذا التّطبيق ولذا لم يكن تحقيقه في مورد مخالفاً للمبادى الدّينية واثبات وجوده ببيان فلسفي عرفاني مليح ، وايضاً تحقيقه في حرمة الحمر وبعده حرمة شرب الافيون واثباتها بالادلة الطبيعية والتشريحية وكونه اشدّ حرمة من الخمر، وهذه المسائل وان كانت مذكوره في غيرها ولكنّه كان مبتكراً في طريق الاستدلال ورعاية جميع الجهات الدّينية والفلسفيّة.
الفتيا والمؤلف
انّ المؤلف الجليل مع كونه متبحراً في العلوم العقلية والنّقلية وكان مجتهداً مسلماً باعتراف جميع علماء زمانه حتّى مراجع التقليد مثل المغفور له آة الله الشيرازي الكبير ولكنّه لم يقت ولم يدون رسالة عملية بل احال المريدين والفقراء في الاحكام الفرعيّة الى رسالات مراجع
__________________
(١) الانفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء مخففة وهي كرش الجمل والجدى سالم ياكل فاذا اكل فهو كرش (مجمع البحرين).