بالحالة الحاصلة من البيعة العامّة كما سبق مفصّلا والحاصل أنّ المراد بالايمان هذا هو معنى الإسلام (وَالَّذِينَ هادُوا) هاد وتهوّد وسائر متصرّفاتهما من المشتقّات الجعليّة المأخوذة من اليهود بمعنى دخل في اليهوديّة أو انتحلها ، ويهود امّا عربيّ من هاد إذا تاب ؛ سمّوا به لأنّهم تابوا على يد نبيّهم ، أو لأنّهم تابوا عن عبادة العجل ، وامّا معرّب يهودا أكبر أولاد يعقوب سمّوا باسمه (وَالنَّصارى) والّذين تنصّروا عدل عن الموصول وصلته لانّ نصر لم يستعمل مأخوذا من النّصرانيّة ومعناه اللّغوى غير مقصود وتنصّروا ان كان من المشتقّات الجعليّة المأخوذة من النّصرانيّة لكنّ الأغلب استعماله في انتحال النّصرانيّة لا في الدّخول فيها ، والنّصارى جمع النّصران كالسّكارى والسّكران وصف مأخوذ من نصر ؛ سمّوا به لأنّهم نصروا عيسى (ع) ، أو مأخوذ جعلىّ من النّاصرة ، أو من النّصرانة اسم قرية نزلتها مريم وعيسى (ع) بعد رجوعهما من مصر ، واجتمع النّصارى فيها ، والياء في النّصرانىّ للمبالغة أو للنّسبة على الأخير (وَالصَّابِئِينَ) عبدة الكواكب سمّوا به لأنّهم صبّوا اى مالوا الى دين الله أو عن دين الله ان قرء بدون الهمزة أو لانّهم صبئوا عن دين الله أو صبؤا الى دين الله اى خرجوا ان قرأ بالهمزة وعدل عن الموصول لما ذكر في النّصارى (مَنْ آمَنَ) منهم (بِاللهِ) بالايمان الخاصّ الحاصل بالبيعة الخاصّة الولويّة وقبول الدّعوة الباطنة ودخول الايمان في القلب ودخول الإنسان في دار الايمان وقبول الولاية واحكام القلب أو المراد بالايمان معناه اللّغوىّ اى من أذعن بالله أو بعلىّ (ع) لانّه مظهره ، أو المراد بالايمان الإسلام اى من آمن بالبيعة العامّة وقبول الدّعوة الظّاهرة بالله ، (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً) اى عمل الأعمال المأخوذة عليه في بيعته على المعنى الاوّل للايمان ، أو المراد بالعمل الصّالح على المعنيين الأخيرين للايمان البيعة الخاصّة الولويّة فانّها أصل الأعمال الصّالحة وبدونها لا يكون عمل صالح أصلا (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ) اى الأجر الّذى ينبغي ان يكون لهم ولا يمكن معرفته الّا بالاضافة إليهم (عِنْدَ رَبِّهِمْ) والتّقييد بكونه عند ربّهم تعظيم آخر للأجر والمقصود انّ الإسلام واليهوديّة والنّصرانيّة والصّابئيّة متساوية في ثبوت الأجر العظيم إذا انتهى كلّ منها الى الولاية وقبول الدّعوة الباطنة ودخول الايمان في القلب ، وإذا لم ينته الى الولاية فالعبارة تدلّ بمفهوم المخالفة على ان لا أجر عند ربّهم لشيء منها سواء لم يكن أجر أو كان ولكن لم يكن عند ربّهم ، وتفصيل هذا الإجمال كما يستفاد من الآيات والاخبار انّ من أنكر الولاية فله عقوبته ، ومن لم ينكر ولم يذعن فهو مرجئ لأمر الله ؛ امّا يعذّبه وامّا يتوب عليه سواء كان المنكر مسلما أو غيره ، ومن لم ينكر ولم يذعن ولكن كان في زمان الرّسول ووقف على البيعة العامّة كان ناجيا ببيعته العامّة مع الرّسول فانّ الله لا يليته من أعماله شيئا (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) قد مضى بيان مفصّل لهذه الآية فلا نعيده (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) اى على أيدى أنبيائكم أو خلفائهم ، والمراد بالميثاق هو العهد المأخوذ في البيعة العامّة أو الخاصّة ، والاضافة للعهد اى الميثاق المأخوذ بنبوّة محمّد (ص) وولاية علىّ (ع) أو الميثاق المأخوذ بالتّوحيد والنّبوّة والإقرار بما جاء به نبيّهم ومنه نبوّة محمّد (ص) وولاية علىّ (ع) وان يؤدّوه الى أخلافهم ولذا ورد تفسير الميثاق بهما امّا لكونهما مذكورين في البيعة أو لكون الإقرار بنبوّة كلّ نبىّ وولاية كلّ ولىّ إقرارا بنبوّة محمّد (ص) وولاية علىّ (ع) لكون نبوّة الأنبياء وولاية الأولياء رقائق لنبوّة محمّد (ص) وولاية علىّ (ع) والرّقيقة جزئيّة من الحقيقة كما انّها كلّ بالنّسبة إليها والإقرار بالجزئىّ إقرار بالكلىّ كما انّ الإقرار