ولا يتّعظون فلا ينتفعون فلا ينظر إليهم. ويأتى قصّة المعتدين في السّبت ومضى في اوّل السّورة تحقيق معنى التّقوى (وَ) اذكروا يا بنى إسرائيل أو يا أمّة محمّد (ص) أو ذكرّ بنى إسرائيل أو أمّتك قصّة القتيل وإحياءه على يد موسى (ع) حتّى تعلموا انّ ما قاله موسى (ع) حقّ وانّ اخباره بنبوّة محمّد (ص) وولاية علىّ (ع) ليس ممّا لا يكترث به (إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ) لإحياء المقتول وإخباره بقاتله (أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) فتضربوا ببعضها هذا المقتول.
وقصته أنه كان في بنى إسرائيل امرأة حسناء ذات شرف وحسب ونسب كثر خطّابها وكان لها بنو أعمام ثلاثة فرضيت بأفضلهم فاشتدّ حسدا بنى عمّه الآخرين فعمدا اليه فدعواه وقتلاه وحملاه الى محلّة مشتملة على أكثر قبيلة من بنى إسرائيل فألقياه فيها ليلا فلمّا أصبحوا وجدوا قتيلا وعرفوه فجاء ابنا عمّه القاتلان ومزقا على أنفسهما واستعديا عليهم فأحضرهم موسى (ع) وسألهم فأنكروا قتله وقاتله فالزم موسى (ع) أماثل القبيلة ان يحلف خمسون منهم بالله القوىّ الشّديد آله بنى إسرائيل مفضّل محمّد (ص) وآله الطيّبين على البرايا أجمعين انّا ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا فان حلفوا غرموا دية المقتول وان نكلوا نصّوا على القاتل أو اقرّ القاتل فيقاد منه ، فان لم يحلفوا حبسوا في مجلس ضنك الى ان يحلفوا أو يقرّوا أو يشهدوا على القاتل ، فقالوا : يا نبىّ الله اما وقت ايماننا أموالنا ولا أموالنا ايماننا؟ ـ قال : لا ؛ هذا حكم الله ، فقالوا : يا نبىّ الله عزم ثقيل ولا جناية لنا وأيمان غليظة ولا حقّ في رقابنا ، فادع الله عزوجل ان يبيّن لنا القاتل وينكشف الأمر لذوي الألباب وينزّل به ما يستحقّه فقال موسى : انّ الله قد حكم بذلك وليس لي ان اقترح عليه غير ما حكم به بل علينا ان نسلم حكمه وهمّ بأن يحكم عليهم بذلك فأوحى الله تعالى اليه ان أجبهم وسلني ان أبيّن لهم القاتل فانّى أريد ان أوسع بإجابتهم الرّزق على رجل من خيار أمّتك دينه الصّلوة على محمّد (ص) وآله الطّيبين (ع) ليكون بعض ثوابه عن تعظيمه لمحمّد (ص) وآله (ع) ونسب الى الصّادق (ع) انّ الرّجل كان له سلعة وجاء قوم يطلبون سلعته وكان مفتاح بيته في تلك الحال تحت رأس أبيه وهو نائم فكره ان ينبّهه وينغّص عليه نومه فانصرف القوم ولم يشتروا سلعته فلمّا انتبه أبوه قال : يا بنىّ ما صنعت في سلعتك؟ ـ قال : هي قائمة لم أبعها لانّ المفتاح كان تحت رأسك فكرهت ان أزعجك من رقدتك وانغّص عليك نومك قال له أبوه : قد جعلت هذه البقرة لك عوضا عمّا فاتك من ربح سلعتك وشكر الله تعالى للابن ما فعل بأبيه فأمر الله جلّ جلاله موسى (ع) ان يأمر بنى إسرائيل بذبح تلك البقرة بعينها ليظهر قاتل ذلك الرّجل الصّالح فلمّا اجتمع بنو إسرائيل الى موسى (ع) وسألوه ، قال : انّ الله يأمركم ان تذبحوا بقرة ليحيي ذلك القتيل تعجّبوا و (قالُوا) يا موسى (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) فانّ الاستهزاء من صفات الجاهل ونسبة امر الى الله لم يكن منسوبا اليه ليست من وصف العاقل (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) ما وصفها فانّ ما هي كما هو سؤال عن حقيقة الشيء ومهيّته يكون سؤالا عن صفة الشّيء ومميّزاته العرضيّة (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ) اى لا مسنّة ولغلبة الاسميّة عليه لم يأت بتاء التّأنيث (وَلا بِكْرٌ) لا صغيرة (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) المذكور من الفارض والبكر (فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ) ولا تكثروا السّؤال عنها حتّى يشدّد عليكم (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها) شديد