للنّقل مثل تاء الحسنة ، وسيّئة الإنسان ما لا يلائم انسانيّته سواء كان ملائما لنفسه وحيوانيّة أم لا ، وأتى بالكسب المشير الى بقاء السّيّئة دون الإتيان والفعل والعمل الدّالة على حدوثها للاشارة الى انّ المستلزم لدخول النّار والخلود فيها هو الأثر الحاصل في النّفس من فعل السّيّئة لا الحركات والأفعال الغير القارّة زمانين (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) ولمّا كان كسب السّيّئة والأثر الباقي منها في النّفس غير كاف في استلزام الخلود ما لم يسدّ طرق الخروج الى الجنان بتمامها أضاف اليه احاطة الخطيئة والخطيئة الإثم عدل الى الاسم الظّاهر لاقتضاء مقام الوعيد التّطويل وتكرار لفظ القبيح والإتيان بالألفاظ العديدة القبيحة (فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) مصاحبين مجانسين لها ولم يكتف بالصّحابة المشعرة بالسّنخيّة المشيرة الى الخلود وصرّح بالخلود مؤكّدا للتّطويل والتّشديد فقال تعالى : (هُمْ فِيها خالِدُونَ) لمّا كان المقام هاهنا مقتضيا للاهتمام بالوعيد للرّدّ على المغرورين بإنكار الخلود قدّم الوعيد وأتى بلفظ من المشتركة بين الشّرطيّة والموصولة وأتى في الخبر بالفاء المؤكّدة للتّلازم وأتى في الوعد بصريح الموصول ولم يأت بالفاء في الخبر بخلاف ما سبق من قوله تعالى : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ؛) فانّ المقام هناك يقتضي الاهتمام بالوعد دون الوعيد (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) قد مضى بيان للايمان والعمل الصّالح (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وَ) اذكروا يا بنى إسرائيل أو يا أمّة محمّد (ص) أو الخطاب عامّ لمن يتأتّى منه الخطاب أو ذكّر يا محمّد (ص) بنى إسرائيل أو أمّتك أو مطلق الخلق (إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) على أيدى أنبيائهم في ضمن البيعة العامّة أو الخاصّة ، وقد سبق انّه كلّما ذكر عهد وعقد وميثاق فالمراد هو الّذى يكون في ضمن البيعة (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) أمثال هذه العبارة تستعمل على ثلاثة أوجه بعد ذكر أخذ الميثاق ؛ الاوّل ـ ان تكون على صورة الاخبار إيجابا أو نفيا. والثّانى ـ ان تكون على صورة الإنشاء امرا أو نهيا. والثّالث ـ ان يكون الفعل عقيب لفظ ان وقد قرء هاهنا بالوجوه الثّلاثة فان كان على صورة الاخبار فامّا ان يكون بمعنى الإنشاء بتقدير القول اى أخذنا ميثاق بنى إسرائيل قائلين : لا تعبدوا ، ويؤيّد هذا الوجه عطف قولوا ، وأقيموا ، وآتوا ؛ عليه ، وامّا بمعنى الاخبار بتقدير ان المصدريّة والمعنى أخذنا ميثاقهم على ان لا يعبدوا ، أو لان لا يعبدوا ؛ أو يكون بدلا من الميثاق ولا إشكال على قراءة لا يعبدون بالياء ، وامّا على قراءة لا تعبدون بالتّاء فهو على حكاية الحكاية الماضية من غير تغيير أو هو بمعنى الاخبار على الحاليّة والمعنى أخذنا ميثاقهم حالكونهم لا يعبدون أو حالكوننا قائلين لهم لا تعبدون الّا الله وتحسنون بالوالدين إحسانا.
تحقيق الوالدين والنّسبة الرّوحانيّة
اعلم انّ الإنسان ذو مراتب كثيرة وكلّ مرتبة منه ذات أجزاء كثيرة طوليّة وعرضيّة ، ولكلّ مرتبة منه سبب ومعدّ لوجودها غير السّبب والمعدّ لوجود الاخرى ؛ فالمعدّ لوجود مرتبته الجسمانيّة هو والداه الجسمانيّان وكلّ من انتسب إليهما بتلك النّسبة كان مناسبا له ومناسبته تسمّى بالأخوّة ، والسّبب لوجود مرتبة صدره المنشرح بالكفر هو الشّيطان أو من يناسب الإنسان من جنود الشّيطان الّذين هم أهل عالم الظّلمة والمنسوبون الى الجانّ ابى الجانّ ، ومرتبة نفسه القابلة المستعدّة لتصرّف الشّيطان وبتصرّف الشّيطان وتأثّر نفسه يفاض من الرّحمن قوّة مناسبة لتلك النّفس ، والشّيطان وكلّ