من يناسبه من هذه الجهة فهو أخ له ، وسبب وجود مرتبة صدره المنشرح بالإسلام هو الملك ومرتبة نفسه القابلة المستعدّة لذلك ، وبتصرّف الملك وتأثّر نفسه يفاض من الله قوّة مناسبة لتلك النّفس هذا بحسب التّكوين وامّا بحسب التّكليف فأبوا مرتبة صدره المنشرح بالكفر هما اللّذان يبايعان البيعة العامّة معه من غير اذن واجازة لكنّ الإنسان في تلك المرتبة بتلك النّسبة ولد لغية ومنفىّ النّسبة كما انّه بحسب التّكوين في مرتبته الجسمانيّة أيضا كذلك ، وأبوا مرتبة صدره المنشرح بالإسلام هما اللّذان يبايعان معه البيعة العامّة بالاذن والاجازة من الله أو من خلفائه ، وكلّ من يناسبه من جهة تلك النّسبة فهو أخ له ، وسبب وجود مرتبة قلبه جبرئيل العقل ومريم النّفس المنشرحة بالإسلام ، وبنفخ جبرئيل العقل في جيب مريم النّفس ينعقد عيسى القلب ويتولّد من ساعته ويتكلّم في المهد صبيّا ؛ هذا بحسب التّكوين ، وأمّا بحسب التّكليف فأبوا مرتبة قلبه هما اللّذان يبايعان معه البيعة الخاصّة الولويّة والمناسب للإنسان من جهة تلك النسبة أخ له ، وهكذا المراتب الاخر منه ، ونسبة كلّ نسبة الى ما فوقها كنسبة الجسم الى الرّوح واللّغية الرّوحانيّة كاللّغية الجسمانيّة منفيّة النسبة ومنفيّة الحكم وقد يعتبر النّسبة الفاسدة ويطلق الابوّة عليها بحسب أصل النّسبة لا صحّتها كما اعتبر النّسبة في قوله تعالى : (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) وفسّر الأبوان المجاهدان فيه بالشّيطان والنّفس على طريقة الاستخدام في ضمير جاهداك ، ولمّا كان اطلاق الابوّة والبنوّة باعتبار تلك النّسبة فكلّما كانت النّسبة أقوى كان إطلاقهما عليها اولى ، وتبادر النّسبة الجسمانيّة من إطلاقهما ؛ لكونهما مدركة مشاهدة لكلّ أحد بحسب العلائم والمقارنات لا لاولويّة إطلاقهما عليها ، ولعدم اعتبار النّسبة الفاسدة في الشّريعة المطهّرة كان اطلاق الوالدين والأبوين في لسان الّشارع منصرفا الى من كان نسبته صحيحة لا فاسدة فلا يدخل الوالدان الفاسدان النّسبة تحت الأمر بالإحسان ، والولادة الجسمانيّة عبارة عن انفصال مادّة الولد عن الوالد لا انفصال صورته عن صورته ، والولادة الرّوحانيّة عبارة عن تنزّل صورة الوالد وظهورها بصورة الولد وتقيّدها وتعيّنها بتعيّنات المرتبة النّازلة عن مرتبتها كالشّمس المنعكسة في المرايا العديدة الّتى لا تخلّ كثرتها في وحدة الشّمس ، فالولد الرّوحانىّ هو الوالد والوالد هو الولد لكن في المرتبة النّازلة فلو ارتفع التّعيّنات النّازلة لم يبق الّا الوالد الواحد ونعم ما قال المولوى قدسسره في بيان هذه النّسبة وذلك الاتّحاد :
جان حيوانى ندارد اتّحاد |
|
تو مجو اين اتّحاد از جان باد |
جان گرگان وسگان از هم جداست |
|
متّحد جانهاى شيران خداست |
همچو آن يك نور خورشيد سما |
|
صد بود نسبت بصحن خانه ها |
ليك يك باشد همه أنوار شأن |
|
چونكه برگيرى تو ديوار از ميان |
چون نماند خانه ها را قاعده |
|
مؤمنان مانند نفس واحده |
وعلى هذا فالاخوّة هاهنا تنتهي الى الاتّحاد في الصّورة وان كان المادّة متعدّدة بخلاف الأخوّة الجسمانيّة فانّها لا اتّحاد فيها لا في الصّورة ولا في المادّة بل الوحدة فيمن ينفصل عنه المادّة ومن هاهنا يعلم وجه شدّة حرمة غيبة المؤمن بحيث نقل انّه اشدّ من سبعين زنية مع الامّ تحت الكعبة ، وكذا شدّة حرمة ذكره بسوء في حضوره وغيبته ، وشدّة حرمة الاهانة والاستهزاء به فانّ الكلّ راجع الى والده ، ويعلم أيضا وجه المبالغة في الدّعاء للإخوان يظهر الغيب ، والسّعى في حاجاتهم وقضائها ، والمواساة معهم ، ووجه قوله : من زار أخاه المؤمن في بيته من غير عوض ولا غرض فكأنّما زار الله في عرشه ؛ فانّ زيارة المؤمن زيارة الله لكن في المرتبة النّازلة ، ووجه قوله : إذا تصافح المؤمنان يتحاطّ الذّنوب عنهما كما يتحاطّ الورق عن الشّجر ،