وما خالفها تتركونه (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ) يا معاشر اليهود أو يا أمّة محمّد (ص) (إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ) قرئ على الخطاب والغيبة باعتبار منكم ومن يفعل (إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) كأنّ الآخرة كانت مملوكة لهم وهي كذلك فباعوها وجعلوا مكانها الحيوة الدّنيا الّتى كانت عارية لهم والآخرة كانت دائمة والدّنيا دائرة ، والعاقل لا يبيع الدّائم المملوك بالدّاثر المعار (فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ) لانّه لم يبق لهم مقام وموطن في دار الرّاحة حتّى يستريحوا إليها (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) يعنى لا يخفّف عنهم العذاب بنفسه ولا من قبل الموكّلين عليه ولا ينصرهم ناصر فيغلب على موكّلى العذاب ويدفع العذاب عنهم ، نسب الى رسول الله (ص) أنّه (ص) قال لمّا نزلت الآية في اليهود اى الّذين نقضوا عهد الله وكذّبوا رسل الله وقتلوا أولياء الله : أفلا أنبّئكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الامّة؟ ـ قالوا : بلى يا رسول الله (ص) ، قال : قوم من أمّتي ينتحلون أنّهم من أهل ملّتى يقتلون أفاضل ذرّيّتى وأطائب أرومتى ، ويبدّلون شريعتي وسنّتى ، ويقتلون ولديّ الحسن والحسين (ع) كما قتل أسلاف اليهود زكريّا ويحيى (ع) ، الا وانّ الله يلعنهم ويبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هاديا مهديّا من ولد الحسين (ع) المظلوم يحرقهم بسيوف أوليائه الى نار جهنّم (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) فلا غروفى إيتاء محمّد (ص) الكتاب والمراد بالكتاب النّبوّة أو الرّسالة والتّوراة صورتها (وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ) بعثنا رسولا على قفاء رسول (وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ) يعنى بعثناه بعد الكلّ وأعطيناه المعجزات الواضحات كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وحيوة الطّين بنفخة والاخبار بالمغيبات أو الأحكام الواضحات المحكمات أو الأحكام القالبيّة أو احكام النّبوّة فانّ البيّنة قد تطلق على المعجزة ، وقد تطلق على المحكم مقابل المتشابه ، وقد تطلق على احكام القالب مقابل احكام القلب ، وقد تطلق على الرّسالة وأحكامها والنّبوّة وأحكامها مقابل الولاية وآثارها ، وقد تطلق مقابل الزّبر على حروف اسم كلّ حرف ؛ فيقال : بيّنة العين العين والياء والنّون ؛ وزبرها الملفوظ من العين ، أو على غير اوّل حروف الاسم كالياء والنون (وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) الرّوح تطلق على الرّوح الحيوانيّة الّتى تنبعث عن القلب وعلى الرّوح النّفسانيّة الّتى تنبعث عن الدّماغ الى الاعصاب ، وعلى القوّة المحرّكة الحيوانيّة ، وعلى القوّة الشّهويّة ، وعلى القوّة الغضبيّة ، وعلى اللّطيفة الايمانيّة ، وعلى الرّوح المجرّدة عن المادّة وعن التّعلّق بها ، وعن التّقدّر وهي الّتى تسمّى بروح القدس ، وهي الّتى ذكر في الاخبار أنّه أعظم من جبرائيل وميكائيل ولم تكن مع أحد من الأنبياء وكانت مع محمّد (ص) وكانت مع الائمّة (ع) وسمّاها الفهلويّون من أهل الفرس بربّ النّوع الانسانىّ وقالوا : انّه أعظم من جميع الملائكة والكلّ مسخّر له ، وتطلق الرّوح على جملة المجرّدات وفي الخبر : يا مفضّل انّ الله تبارك وتعالى جعل في النّبىّ خمسة أرواح روح الحيوة ؛ فبه دبّ ودرج ، وروح القوّة ؛ فبه نهض وجاهد ، وروح الشّهوة ؛ فبه أكل وشرب وأتى النّساء من الحلال ، وروح الايمان فبه آمن وعدل ، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو (أَفَكُلَّما جاءَكُمْ) يعنى بعثنا الرّسل بعضهم على قفاء بعض فاستكبرتم وكذّبتم فريقا وقتلتم فريقا الا ترعوون عمّا فعلتم سابقا من الشّنائع فكلّما جاءكم (رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ) من فعل الطّاعات