جهل آيد پيش أو دانش شود |
|
جهل شد علمي كه در ناقص رود |
هر چه گيرد علّتى علّت شود |
|
كفر گيرد ملّتى ملّت شود |
والحاصل أنّ كلّ ادراك يكون سببا للادبار عن الدّنيا والإقبال على الآخرة يسمّى عند أهل الله علما ، وكل ادراك لم يكن كذلك لم يكن علما ، والعالم من كان يعلم ما يحتاج اليه في معاشه ومعاده مع إقباله على الآخرة ، والمتعلّم من كان طالبا لادراك ما يحتاج اليه مع إقباله على الآخرة ، ومن كان مقبلا على الدّنيا لم يكن عالما ولو كان مدركا لجميع المسائل الشّرعيّة والمطالب الخلقيّة والعقائد الدّينيّة بالبرهان المتقن ؛ ونعم ما قيل : انّ العلم هو الّذى لم يجتمع مع الأغراض الدّنيويّة والأهواء النّفسانيّة ؛ وما اجتمع مع تلك فهو جهل مشابه للعلم وليس بعلم ، فقول المعصوم (ع): طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة ؛ اشارة الى هذا الإدراك سواء كان مع الجلوس في المدرسة أو مع الاكتساب للمعيشة والّا كان أكثر النّاس محروما من هذه الفضيلة ، وكذا قوله (ع): كن عالما أو متعلّما ولا تكن ثالثا فتهلك ، اشارة الى هذا العلم وطلبه والّا كان الأمر به أمرا بالمحال لأغلب النّاس.
وما ورد في أخبار كثيرة من أقسام العلم وطلبته وأقسام العالم يدلّ على ما ذكر مثل ما روى : انّ رسول الله (ص) دخل المسجد فاذا جماعة قد أطافوا برجل فقال (ص) : ما هذا؟ ـ فقيل : علّامة ، فقال (ص): وما العلّامة؟ ـ فقالوا : أعلم النّاس بأنساب العرب ووقائعها وأيّام الجاهليّة والاشعار العربيّة ، فقال النّبىّ (ص): ذاك علم لا يضرّ من جهله ولا ينفع من علمه ، ثمّ قال النّبىّ (ص) : انّما العلم ثلاثة ؛ آية محكمة ، أو فريضة عادلة ، أو سنّة قائمة ، وما خلا هنّ فهو فضل. فانّه اشارة الى الأقسام الثّلاثة للعلم العقلانىّ والنّفسانىّ والجسمانىّ بحيث يكون مشتملا على الإقبال على المعلوم والعمل المستلزم للاشتداد فانّ الآية المحكمة عبارة عن العلوم العقلانيّة الّتى يجد العالم شيئا من حقائق المعلومات ويستلذّ به والّا لم تكن آيات ومرائى ، والّتى لم يكن للرّيب والّشكّ والزّوال مجال فيها والّا لم تكن محكمة ، وهذا بخلاف العلوم الخياليّة الّتى حصّلها الفلسفىّ والمتكلّم باستخدام الخيال للعاقلة وجعلتها أنفسهم الزّائغة وسائل لمآربها النّفسانيّة من الأعراض الدّنيويّة أو الأغراض النّفسانيّة من الرّاحة عن كلفة الطّاعات الشّرعيّة فانّها ليست آيات ولا محفوظة عن الرّيب والشّكّ والزّوال لكونها مأخوذة بالتّقليد من أمثالهم ، والفريضة العادلة عبارة عن العلوم النّفسانيّة المتعلّقة بالرّذائل والخصائل بحيث يصير العالم بها متخلّيا عن الرّذائل متحلّيا بالخصائل لانّ اطلاق الفريضة على هذا العلم انّما هو باعتبار تلك التّخلية والتّحلية وكذا اطلاق العادلة فانّ معنى العلم العادل ان يكون العالم به عادلا أو معلومه متوسّطا ولا يكون المعلوم من الأخلاق متوسّطا الّا إذا صار جزئيّا موجودا في وجود العالم به ، وهذا معنى استلزام العلم للعمل المستلزم لعلم آخر اللّازم للإقبال على الآخرة ، والسنّة القائمة عبارة عن العلوم القالبيّة المأخوذة من النّبىّ (ص) أو خليفته العامل صاحبها بها بحيث ينتصب عن اعوجاجه أو يعتدل عن الإفراط والتّفريط ، أو تكفى مهامّ صاحبها في الدّنيا والآخرة لانّ السّنّة بحسب العرف واللّغة لها معان عديدة لكنّها في عرف الشّارعين اسم للعلوم المتعلّقة بالأعمال الجسمانيّة بحيث تؤدّى صاحبها الى العمل لانّ تسمية العلوم بالسّنّة ليست الّا باعتبار العمل ، والقائمة امّا من قام بمعنى انتصب أو اعتدل وبكلا المعنيين تكون وصفا بحال المتعلّق اى سنّة قائم صاحبها ، أو من قام المرأة وعليها بمعنى مأنها وكفى أمورها وبهذا المعنى يكون وصفا بحال الموصوف فالعمل والإقبال الى الآخرة مأخوذان في مفهوم الكلمتين. ومثل ما روى عن الصّادق (ع) في أقسام طلبة العلم من قوله (ع) طلبة العلم ثلاثة فاعرفهم بأعيانهم وصفاتهم ؛ صنف يطلبه للجهل والمراء ، وصنف يطلبه للاستطالة