وأنّهم يأمرون وينهون على حسب أحوال النّاس ، أو على حسب أحوال شخص واحد لانّهم أطبّاء النّفوس والطّبيب يراعى أمراض المرضى وأحوالهم ، وبحسب أمراضهم وأحوالهم يجيب مسائلهم ويدبّر غذاءهم ودواءهم. وقوله تعالى : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) يدلّ على ذلك فانّ معنى البصيرة الرّؤية الباطنة والرّؤية الباطنة مرئيّها أحوال المدعوّ والدّعوة اللّائقة بحاله والمدعوّ اليه ، والطّريق الّذى يكون السّلوك عليه. والآية فعلة بالسّكون أو بالتّحريك أو هي مخففّة فاعلة بمعنى العلامة جمعها آيات وآي وآياء وزن أفعال ، وتطلق على آيات الكتاب التّدوينىّ فانّها علاماته تعالى وعلامات رسالة رسوله ، وعلى أحكام الرّسالة والنّبوّة فانّها أيضا علاماته وعلامات الرّسالة والرّسول ، وعلى آيات الآفاق والأنفس فانّها أيضا علاماته تعالى وخصوصا الآيات العظمى فانّها علاماته الّتى تحاكى تمام أسمائه وصفاته تعالى ولا اختصاص للنّسخ بالآيات التّدوينيّة والاخبار النّبويّة والولويّة فانّه كما يجرى في تلك بمعنى رفع الحكم المستفاد منها يجرى في آيات الآفاق بمعنى رفعها وإزالتها أو تغييرها لكنّ النّسخ لا يجرى الّا في الآيات النّازلة الى عالم الطّبع سواء فيه تدوينيّاتها وتكوينيّاتها فانّها آيات متشابهات يجرى فيها النّسخ لا الآيات العلويّه فانّها محكمات هنّ أمّ الكتاب وقوله تعالى (أَوْ نُنْسِها) من باب الأفعال وقرء ننسخ من باب الأفعال وننسها بفتح النون والسّين والإنساء عبارة عن محوها عن القلوب مع بقائها في الواقع أو محو آثارها عن القلوب مع بقائها أو بقاء حكمها في الواقع (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) لا إشكال في إتيانه تعالى بخير منها أو مثلها في الآيات التّدوينيّة وأحكام الرّسالة والآيات الصّغرى الآفاقيّة وأمّا الآيات العظمى فانّ الإتيان بالخير أو المثل لا يتصوّر في الأنبياء بطريق الكلّيّة فانّه كان بمضمون تلك الرّسل فضّلنا بعضهم على بعض أكثر الأخلاف أدنى مرتبة من الاسلاف فانّ كلّ من يأتى بعد اولى العزم لم يكن في مرتبتهم لكن نقول خيريّة الآيات انّما هي بالاضافة الى من تكون آيات لهم ولا شكّ في اختلاف الأزمان وأهلها وانّ بعضهم أقوياء يقدرون على قبول الأحكام من نبىّ أقوى وبعضهم ضعفاء لا يقدرون على قبول الأحكام الّا من نبىّ أضعف فخيريّة نبىّ في نفسه لا ينافي عدم خيريّته بالاضافة الى أمّة نبىّ آخر ؛ ونعم ما قال المولوىّ قدسسره :
پس بهر دورى وليي قائم است |
|
تا قيامت آزمايش دائم است |
أو چو نور است وخرد جبريل أو |
|
آن ولىّ كم از أو قنديل أو |
وآنكه زين قنديل كم مشكوة ماست |
|
نور را در مرتبت ترتيبهاست |
زانكه هفصد پرده دارد نور حق |
|
پرده هاى نور دان چندين طبق |
از پس هر پرده قومى را مقام |
|
صف صفند اين پرده هاشان تا امام |
أهل صفّ آخرين از ضعف خويش |
|
چشمشان طاقت ندارد نور پيش |
وان صف پيش از ضعيفىّ بصر |
|
تاب نارد روشنائى بيشتر |
وفي تفسير الامام عليهالسلام اشارة الى ما ذكرنا (أَلَمْ تَعْلَمْ) يا محمّد (ص) ، أو يا منكر النّسخ ومستغربه من الله ، أو المراد كلّ من يتأتّى منه الخطاب (أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وسبب نزول الآية كما في الاخبار انّ الرّسول (ص) كان يتوجّه الى بيت المقدّس في صلوته مدّة إقامته بمكّة ثلاث عشر سنة وبعد هجرته الى المدينة الى سبعة عشر شهرا وجعل قوم من مردة اليهود يعيّرونه باستقبال بيت المقدّس فاشتدّ ذلك