بعد له مستنيرا بنوره وان لم يكن مستنيرا بنفسه.
تحقيق المسجد
والمساجد جمع المسجد بكسر الجيم وقد يفتح وهو محلّ السّجود وهو غاية الخضوع فتمام الأرض مسجد بهذا المعنى لأنّ جملة ما فيها ليس لها الّا التذلّل فجملة وجه الأرض محلّ لتذلّل ما فيها وقال النّبىّ (ص): جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا لشهوده (ص) سجود الكلّ في كلّ الأرض وبهذا المعنى صارت الصّدور المنشرحة بنور الإسلام والقلوب المستنيرة بنور الايمان مساجد حقيقيّة لسجود كلّ ما فيهما وتذلّلها حقيقة ، وامتياز لمساجد الصوريّة من بين بقاع الأرض باسم المسجد واسم بيت الله ليس بهذا المعنى ولا لخصوص البقعة ولا لخصوص اللّبنة والطيّن والجصّ وسائر آلات البناء ، ولا لخصوص البنّاء والعملة والّا لشاركها في هذا الاسم كلّما شاركها في هذه بل الامتياز بنيّة الواقف لانّ الواقف إذا كان نيّته صحيحة خالصة لوجه الله غير مشوبة بأغراض النّفس صار صدره منشرحا وقلبه مستنيرا وصارا مسجدين لله وبتوجّهه الى تلك البقعة تصير البقعة مستنيرة وتمتاز بالمسجديّة وبكونها بيت الله ، فاذا صار الإنسان متمكنّا في ذلك الانشراح والاستنارة صار مسجدا وبيتا لله على الإطلاق ، وان لم يكن متمكّنا فيهما كان مسجدا وبيتا لله وقت الاتّصاف بهما ، وكلّما ازداد واشتدّ الاتّصاف به ازداد واشتدّت المسجديّة والبيتيّة لله ، وكلّما اشتدّ مسجديّته لله اشتدّ مسجديّة ما بناه لله ؛ واليه أشار المولوىقدسسره بقوله :
آن بناى انبيا بى حرص بود |
|
لا جرم پيوسته رو نقها فزود |
اى بسا مسجد برآورده كرام |
|
ليك نبود مسجد أقصاش نام |
كعبه را كه هر زمان عزّ ميفزود |
|
آن ز اخلاصات إبراهيم بود |
فالمساجد حقيقة والبيوت الّتى أذن الله ان ترفع هي الصّدور والقلوب المنشرحة المستنيرة وبعدها صاحب تلك الصّدور والقلوب ، وامّا المساجد الصّوريّة فهي مساجد حقيقة باعتبار المعنى الاوّل الّذى به تكون جملة بقاع الأرض مساجد لكن امتيازها عن سائر بقاع الأرض باسم المسجديّة فليس الّا بتوجّه المساجد الحقيقيّة الّتى هم الواقفون لها ولذلك فسّروا المساجد والبيوت الّتى اذن الله ان ترفع في أخبار كثيرة بأنفسهم ، ونعم ما قال المولوىّ قدسسره مشيرا الى الأنبياء والأولياء (ع).
گر نه پيدايند پيش نيك وبد |
|
چيست با ايشان خسان را اين حسد |
بر در اين خانه گستاخى ز چيست |
|
گر همى دانند كاندر خانه كيست |
ابلهان تعظيم مسجد ميكنند |
|
در جفاى أهل دل جدّ ميكنند |
آن مجاز است اين حقيقت اى خران |
|
نيست مسجد جز درون سروران |
مسجدي كو اندرون اولياست |
|
سجده گاه جمله است آنجا خداست |
وعلى هذا إذا كان الدّاعى على البناء الأغراض الشّيطانيّة لم يكن البناء مسجدا وان سمّى بالمواضعة مسجدا ، والباني الغير المستنير بنفسه والغير المنقاد لولىّ امره قلّما ينفكّ عن الأغراض فانّه إذا بالغ في الاجتهاد جعل قرب نفسه لله تعالى غاية لبنائه وداعيا عليه وصحّة مثله في غاية الاشكال ، وامّا ما قالوه في صحّة الوقف من التقرّب الى الله وعدم الانتفاع به فالمقصود ان يكون قرب الباني واقتضاء قربه الاشتداد في القرب داعيا لا انّ النّفس أرادت الاجرة عليه وجعلت القرب أجرته فانّه نحو انتفاع للنّفس بالوقف ، وامّا الأغراض الأخر كالصّيت والمراءاة والتّمدّح وغيرها من الأغراض فتجعل البناء بيتا للشّيطان ، وإذا كان الإنسان له قرب وقربه يقتضي ذلك لكنّه لم يمت النّفس ويشاركه النّفس في أغراضه كان البناء مسجدا وبيتا لله بمشاركة الشّيطان ،