وعلى الكسر قيل : انّه متعدّ ، وقيل : انّه كذلك (وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ) حال في موضع التّعليل (فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) فلا ينبغي الرّغبة عنه وعن ملّته (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ) تعليل لاصطفائه وصلاحه (أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وَوَصَّى بِها) اى بالملّة أو بكلمة الإسلام (إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) يعنى ينبغي ان يكون إسلامكم ثابتا راسخا حتّى لا يزول عند الموت ؛ والآية تعريض بإنكار التهوّد والتّنصّر وانّ إبراهيم ما أمر باليهوديّة ولا بالنّصرانيّة بل أمر بالإسلام ووصىّ هو ويعقوب بينهما بالإسلام لا بالتهوّد والتنصّر (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ) أم منقطعة متضمّنة للهمزة والمقصود إظهار انّ بنى يعقوب أقرّوا بعبادة الله وتوحيده تعريضا باليهود والنّصارى في عبادة العزير والمسيح ، وأقرّوا بالإسلام تعريضا بنفي التهوّد والتنصّر (إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ) بدل من إذ حضر (لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي) سأل (ع) عمّا يعبدونه تذكيرا بالتّوحيد وتقريرا لهم عليه وعلى الإسلام (قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ) عدّوه من الاباء لانّ العمّ كالأب ويسمّيه العرب أبا (وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً) صرّح بالتّوحيد تعريضا باليهود والنّصارى في القول بأنّ عزيرا ابن الله والمسيح ابن الله أو ثالث ثلاثة (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) لا يهوديّون ولا نصرانيّون (تِلْكَ أُمَّةٌ) جماعة قاصدون لمقصود واحد (قَدْ خَلَتْ) والمراد إبراهيم (ع) ويعقوب وبنوهما (لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) يعنى انّ انتسابكم إليهم لا ينفعكم به حسناتهم ولا يضرّكم به سيّئاتهم فانظروا الى اعمال أنفسكم لا الى انسابكم وآبائكم (وَقالُوا) عطف باعتبار المعنى كأنّه قال ، قال إبراهيم (ع) ويعقوب (ع) كونوا مسلمين وقالوا (كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى) اى قالت اليهود : كونوا هودا وقالت النّصارى : كونوا نصارى فلفظة أو ليست للتّخيير والاباحة بل هي للتفصيل (تَهْتَدُوا قُلْ) لهم يا محمّد (بَلْ) كونوا مسلمين واتّبعوا (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) وكونوا أهل ملّة إبراهيم أو على ملّة إبراهيم (حَنِيفاً) مستقيما أو مائلا عن الأديان المعوّجة وهو حال عن الملّة أو إبراهيم ولم يقل حنيفة لكون الملّة بمعنى الدّين أو لكسبه التّذكير من المضاف اليه وروى انّ الحنيفيّة هي الإسلام (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) تعريض بالمشركين كما انّ قوله تعالى (بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) كان ردّا لأهل الكتاب فانّ المشركين أكثرهم مقرّون برسالة إبراهيم (ع) (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ) خطاب للمؤمنين أو للائمّة خاصّة كما ورد عن الباقر (ع) انّما عنى بذلك عليّا (ع) وفاطمة (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) وجرت بعدهم في الائمّة. ثمّ يرجع القول من الله في النّاس فقال تعالى : فان آمنوا يعنى النّاس بمثل ما آمنتم به ؛ الآية (وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) من الأحكام والقرآن (وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) وهم أولاد أولاد يعقوب. سئل الباقر (ع) : هل كان ولد يعقوب أنبياء؟ ـ قال : لا ولكنّهم كانوا أسباطا أولاد الأنبياء ؛ ولم يكونوا فارقوا الدّنيا إلا سعداء ، تابوا وتذكّروا