المخيّرون أو المعذورون أو المتكلّفون بسبب الصّوم أو المؤمنون على ان يكون كلاما مستقلّا ترغيبا في الصّوم من غير نظر الى ما تقدّمة (خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ان كنتم من أهل العلم أو ان كنتم تعلمون أنّه أفضل اخترتموه.
تحقيق نزول الكتاب جملة ونجوما
(شَهْرُ رَمَضانَ) مبتدأ خبره (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) أو هو صفته وخبره محذوف اى هذه الايّام أو خبر مبتدء محذوف اى هذه الأيّام شهر رمضان ، أو بدل من الصّيام بتقدير مضاف اى صيام شهر رمضان ووجه نزول القرآن في شهر رمضان مع أنّه نزل في طول ثلاث وعشرين سنة انّ القرآن جملة نزل من مقام الجمع ومن عند الحكيم الخبير الى البيت المعمور الّذى هو في السّماء الرّابعة بحذاء الكعبة ومقام قلب النّبىّ (ص) ومنه نزل مفصّلا في تلك المدّة على صدر النّبىّ (ص) وينزل في كلّ سنة من البيت المعمور على صدر النّبىّ (ص) أو وصيّه من تأويل القرآن ومتشابهاته ما شاء الله من نسخ منسوخه وإثبات مثبته ، واطلاق مطلقة وتقييد مقيّده ، وتعميم عامّه وتخصيص خاصّه ، وعلى ما روى نزل أكثر الصّحف السّماويّة في شهر رمضان لانّه شهر حبس النّفس عن التّوجّه الى القوى والمدارك الظّاهرة وعن المشتهيات النّفسيّة وما لم يحبس النّفس المعبّر عنها بالصّدر عن التّوجّه الى الدّار الدّنيا لا تستعدّ للانتقاش بنقوش الغيب ولا للمشاهدة والسّماع منه وباعتبار التّأويل ، شهر رمضان عبارة عن مقام ظهور النّفس بالإمساك عن غير الله والتّوجّه الى الله ولذا سمّى بشهر رمضان فانّ رمضان اسم لله تعالى.
تحقيق كون القرآن بيّنات من الهدى
(هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) من بيانيّة ، اعلم انّ الرّسل متفاضلون في المقامات والدّرجات فانّ مقامات لطائف الرّسالة ودرجاتها غير متناهية وأمّهاتها قد تحدّ بمأة الف وقد تحدّ بمأة وعشرين ألفا وقد تحدّ بمأة أربعة وعشرين ألفا ، وتلك المقامات والدّرجات بعضها فوق بعض وكلّ عال منها محيط بما دونه بمعنى انّ ما دونه يكون من جملة شؤنه ، ولكلّ مقام صاحب من الرّسل لانّ كلّ مقام يقتضي لطيفة خاصّة من لطائف الرّسالة وكلّ لطيفة من تلك اللّطائف يظهر في رسول من الرّسل وكلّ رسول بلغ الى مقام عال يكون محيطا بمن دونه من الرّسل وهم يكونون من جملة شؤنه ، وكلّ كتاب وشريعة من الرّسول العالي يكون محيطا بالشّرائع والكتب الّتى دونه وانّهما ناشئان من آخر مقامات الرّسول الآتي بهما وأعلاها نازلان منه الى مقام صدره ، وانّ محمّدا (ص) آخر مقاماته المقام الّذى هو فوق الإمكان وهو مقام الجمع المطلق الّذى لا مقام فوقه بخلاف سائر المقامات فانّ فيها فرقا بوجه ولو بالتّقييد بالإمكان والامتياز من الوجوب ، ولهذا كانت الأنبياء (ع) وكتبهم وشرائعهم تحت لوائه وكتابه وشريعته وكان حلاله حلالا الى يوم القيامة وحرامه حراما الى يوم القيامة ، ولم يتطرّق الاندراس والنّسخ الى كتابه وشريعته ، وكان اسم القرآن خاصّا بكتابه لانّه مصدر مأخوذ من قرأ قرآنا بمعنى جمع جمعا ، وان كان مأخوذا من قرأ قرآنا بمعنى تلا تلاوة فانّه أيضا مأخوذ من قرأ بمعنى جمع والنّاشى من مقام الجمع المطلق هو كتابه (ص) لا سائر الكتب ، فانّها نشأت من مقامات الإمكان الّتى لا يخلو شيء منها من الفرق والكتاب الّذى نزل من مقام عال الى مقام الصّدر ، والطّبع له وجهان ؛ وجه الى عالم المقام العالي ووجه الى عالم المقام الدّانى ، وباعتبار وجهه الى العالي يكون هاديا لأهل العالم النّازل الى ذلك المقام العالي وباعتبار وجهه الى المقام النّازل يكون مفصلا بنحو تفصيل ذلك المقام وظاهرا بنحو ظهور ذلك المقام وفارقا بين اسناخ المقام العالي وأشباح العالم الأنزل ، فيكون بتفاصيله بيّنات واضحات هي عبارة عن الهدى باعتبار وجهه الى العالي وعن الفرقان باعتبار وجهه الى الدّانى