ووجوب اتّباعه وامتثال أوامره ونواهيه واقامة حدوده واحكامه انّما هي للأخبار الكثيرة الدّالّة على ما ذكر لا للقطع بانّ ما بين الدفّتين هو الكتاب المنزل على محمّد (ص) من غير نقيصة وزيادة وتحريف فيه ، ويستفاد من هذه الاخبار انّ الزّيادة والنّقيصة والتّغيير ان وقعت في القرآن لم تكن مخلّة بمقصود الباقي منه بل نقول كان المقصود الاهمّ من الكتاب الدّلالة على العترة والتّوسّل بهم وفي الباقي منه حجّتهم أهل البيت وبعد التّوسل باهل البيت ان أمروا باتّباعه كان حجّة قطعيّة لنا ولو كان مغيّرا تغييرا مخلّا بمقصوده وان لم نتوسّل بهم أولم يأمروا باتّباعه وكان التوّسل به واتبّاع احكامه واستنباط أوامره ونواهيه وحدوده واحكامه من قبل أنفسنا كان من قبيل التّفسير بالرأى الّذى منعوا منه ولو لم يكن مغيّرا وقد استقصى الفيض (ره) في مقدّمات تفسيره الصّافى الاخبار والأقوال في هذا الباب من أراد فليرجع اليه وقد ذكر اخبارا كثيرة متفرّقة في مطاوى تفسيره للآيات في بيان التّغييرات الواقعة فيها.
الفصل الرابع عشر
في انّ القرآن نزل تمامه في الائمة الاثنى عشر عليهالسلام بوجه ونزل فيهم وفي أعدائهم بوجه ونزل أثلاثا ثلث فيهم وفي أعدائهم ، وثلث سنن وأمثال ، وثلث فرائض واحكام بوجه ، أو ثلث فيهم وفي احبّائهم وثلث في أعدائهم وثلث سنّة ومثل بوجه ، ونزل أرباعا ربع فيهم ، وربع في عدّوهم ، وربع سنن وأمثال وربع فرائض واحكام بوجه ، وقد ورد الاشعار بكلّ في الاخبار
اعلم انّ الله تعالى شأنه العزيز كان غيبا محضا ومجهولا مطلقا وكان لا اسم له ولا رسم ولا خبر عنه ولذا كان يسمّى بالعمى فأحبّ ان يعرف فخلق الخلق لكي يعرف كما في القدسىّ المعروف فكان اوّل ظهوره فعله الّذى يسمّى بنفس الرّحمن والاضافة الاشراقيّة ومقام المعروفيّة والحقيقة المحمّدية (ص) وهي اللّطيفة العلويّة ، ويسمّى بالمشيّة باعتبار كونه اضافة الله تعالى الى الخلق ، وبالولاية المطلقة باعتبار كونه اضافة للخلق الى الله ، وهذه الحقيقة بمضمون خلقت الأشياء بالمشيّة مبدء جميع الخلق بمراتبه العقلانيّة والنّفسانيّة والجسمانيّة النّورانيّة والظّلمانيّة والطبيعيّة ولمّا كان الإنسان غاية للكلّ وكان غاية الإنسان بمنطوق ما خلقت الجنّ والانس الّا ليعبدون وبمضمون قوله تعالى فخلقت الخلق لكي اعرف معرفة الله أرسل الرّسل وانزل الكتب واسّس الشرائع لمعروفيّته وقد عرفت انّ مقام معروفيّته هو مشيّته الّتي هي الولاية المطلقة ولمّا كان المتحقّق بالولاية وبمقام المعروفيّة محمّدا (ص) وعليّا (ع) وأولادهما صحّ ان يقال انّهم مبدء الكلّ وغايته ، ولمّا كان جميع الشرائع الإلهيّة والكتب السّماويّة لتصحيح طريق الانسانيّة وتوجيه الخلق الى الولاية وكان أصل المتحقّقين بالطريق الانسانيّة والولاية والمتحقّق بالولاية المطلقة محمّدا (ص) وعليّا (ع) وأولادهما عليهمالسلام صحّ ان يقال جملة الشرائع الالهيّة وجميع الكتب السّماويّة نزلت فيهم وفي توجيه الخلق إليهم وهو أيضا وصف وتبجيل لهم ، ولمّا كان كثير من آيات القرآن نزلت فيهم تصريحا أو تعريضا أو تورية وما كان في أعدائهم لم يكن المقصود منه الّا الاعتبار بمخالفيهم والانزجار عن مخالفيهم ليكون سببا للتوجّه إليهم ولمعرفة قدرهم وعظمة شأنهم وكان ساير آيات الأمر والنّهى والقصص والاخبار لتأكيد السّير على طريق الانسانيّة الى الولاية صحّ