أو الجائهنّ الى الافتداء كما هو ديدن أهل الزّمان إذا كرهوا الأزواج ، عن الصّادق (ع) انّه سئل عن هذه الآية فقال : الرّجل يطلّق حتّى إذا كادت ان يخلو أجلها راجعها ثمّ طلّقها يفعل ذلك ثلاث مرّات فنهى الله عن ذلك (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) فانّ ظلمه للمرأة يضرّ المرأة في دنياها والأغلب انّه ينفعها في عقباها لكن هذا الظّالم يضرّ بدنيا نفسه وعقباها ولا ينتفع في شيء منهما فهو من الأخسرين أعمالا (وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ) احكامه الشّرعيّة القالبيّة وآياته التدوينيّة وآياته الآفاقيّة والانفسيّة وخصوصا الآيات الكبرى (هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) النّعمة امّا مصدر بمعنى الانعام اى انعام الله عليكم فعليكم متعلّق بها أو اسم مصدر بمعنى ما ينعم به والمعنى واذكروا نعمة الله واردة عليكم من الله فالظرف حال وعلى اىّ تقدير فالمعنى لا تنظروا الى الآيات من حيث أنفسها حتّى تتّخذوها هزوا واذكروا انعام الله بها عليكم وكونها آيات الله حتّى تشكروا وجودها ، أو المعنى واذكروا نعم الله عليكم من غير التفات الى النّهى السّابق ومن غير اختصاص للنّعم بالآيات والنّعمة ما يوافق الإنسان ويريده لا ما لا يوافقه ويكرهه ، ولمّا كان الإنسان ذا مراتب وقد يكون ما يوافق مرتبة منه منافرا لمرتبة اخرى منه كان تحقيق النّعمة حقيقا بالبيان فنقول :
تحقيق النّعمة ومراتبها بحسب مراتب الإنسان
انّ الإنسان بما هو إنسان عبارة عن اللّطيفة السيّارة الانسانيّة المتّحدة في كلّ مرتبة مع تلك المرتبة بوجه والمغايرة لها بحسب الذّات والآثار بوجه ، فانّ كلّ مرتبة منه محدودة بحدود خاصّة موقوفة على تعيّن خاصّ بخلاف تلك اللّطيفة فانّها غير محدودة وغير واقفة على شأن من الشّؤن ، بل لها السّير الى ما لا نهاية له من الولاية المطلقة فموافقات المراتب ان كانت موافقة لتلك اللّطيفة كانت نعما للإنسان بما هو إنسان والّا كانت نقما له فجعل الشّهوة في الرّجل والمرأة وخلق آلات التّناسل بالوضع المخصوص وتقاضى الشّهوة للأبوين وتحريكها لهما وتقاربهما وإيصال النّطفة الى المقرّ المخصوص وامتزاج النّطفتين وجعل الرّحم عاشقا لها حافظا ايّاها ممسكا لها ، وجعل الدّم في الرّحم غذاء لها وتوجّه نفس الامّ الى حفظها وتربيتها وإيصال الغذاء إليها وجعله سببا لنموّها نعم من الله على الإنسان ؛ وهكذا جميع ما ينفعه ويلزمه الى أو ان البلوغ وبعد البلوغ كلّما يعينه في سيره الى الله من القرناء والنّاصحين والأنبياء والزّاجرين وبالجملة كلّما ينفعه في سيره الى الله سواء كان نافعا في مقام بشريّته أو غير نافع ، وسواء عدّ نعمة أو نقمة نعم من الله تعالى عليه فتوفير الأموال وتصحيح الأنفس وإنذار الأنبياء وتبشير الأولياء (ع) نعمة من الله تعالى كما انّ الابتلاء في الأموال والأنفس وزجر الأشقياء وأذاهم للمؤمنين كان نعمة منه تعالى ولذا قال تعالى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً ، وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) بطريق التّوكيد والقسم ، فموسى (ع) ودعوته ولطفه كانت نعمة كما انّ فرعون وقهره وشدّته كانت أيضا نعمة للمؤمنين ، ونعم ما قال المولوىّ قدسسره مشيرا الى انّ اللطف والقهر كليهما نعمة للمؤمنين :
چونكه بى رنگى أسير رنگ شد |
|
موسيئى با موسيئى در جنگ شد |
چون ببيرنگى رسى كان داشتى |
|
موسى وفرعون دارند آشتى |
يا نه جنگ است اين براى حكمتست |
|
همچو جنگ خر فروشان صنعت است |
يا نه اينست ونه آن حيرانى است |
|
گنج بايد گنج در ويرانى است |