حقّ العبارة ان يقول حقّا عليكم ترغيبا لهم في التّمتيع ، أو المقصود انّه حقّ على المحسنين منكم وانّه شأنهم فينبغي لكم ان تطلبوا هذا الشّأن ولا تحديد في الاخبار لمتعة المطلّقة المذكورة كما في الآية وفي بعض الاخبار ذكر وجوبها ، وقيل : يقدّر بقدر نصف مهر أمثالها (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً) فعليكم (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) وهذا بيان لأحد شقوق مفهوم المخالفة من الآية السّابقة وبقي شقّ طلاقهنّ بعد المسيس مع الفرض وحكمه ظاهر فانّه بالعقد يثبت الفريضة ويفرض والمسقط للنّصف هو الطّلاق قبل المسيس وقد فرض الطّلاق بعد المسيس وشقّ طلاقهنّ بعد المسيس مع عدم الفرض (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) اى المطلّقات عن النّصف الّذى هو حقّهنّ (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) اى الأب أو الجدّ أو الوكيل المطلق لهنّ ، أو الوكيل في امر نكاحهنّ وطلاقهنّ ، أو المراد من الّذى بيده عقدة النّكاح الأزواج والمعنى الّا ان يعفو الأزواج عن النّصف الّذى كان حقّ النّساء وصار بالطّلاق قبل المسيس حقّا لهم وقد أشير في الاخبار الى الكلّ ويؤيّد المعنى الأخير قوله تعالى (وَأَنْ تَعْفُوا) خطابا للأزواج بظاهره ، ويحتمل ان يكون خطابا للمطلّقين والمطلّقات تغليبا ، أو لأولياء النّكاح ، أو للجميع (أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) عن الظّلم فانّ مطالبة الحقّ الثّابت قلّما تنفكّ عن انكسار ما لقلب المطلوب منه (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ) اى الفضل الّذى أنعم الله به على بعضكم فيكون خطابا للأزواج فانّهم فضّلهم الله على النّساء ، ومعنى عدم نسيان الفضل تذكّر الفضل الّذى فضّلهم به على النّساء حتّى يكون ذلك التذكّر داعيا لهم الى العفو فانّ ذا الفضل اولى بالعفو والإعطاء ، أو المعنى لا تنسوا تحصيل الفضل دائرا (بَيْنَكُمْ) فانّ العفو والإعطاء سبب لحصول الفضل وزيادة الدّرجات فليكن كلّ من الأزواج والنّساء والأولياء متذكّرا للفضل طالبا له فالآية ترغيب في العفو للأزواج فقط على المعنى الاوّل وللجميع على المعنى الثّانى ، روى عن علىّ (ع) انّه قال : سيأتى على النّاس زمان عضوض يعضّ المؤمن على ما في يده ولم يؤمر بذلك قال الله تعالى : (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فما يفوتكم بالعفو لا يفوته فيجازيكم بعشرة أمثاله الى سبعمائة الف.
(حافِظُوا) ابتداء كلام للتّرغيب في الصّلوة والتّوجّه الى الله بعد ذكر النّساء واحكامهنّ والطّلاق واحكامه كأنّه قال : هذه احكام الكثرات لكن لا ينبغي لكم الغفلة عن جهة الوحدة والتّوجّه الى الله فواظبوا (عَلَى الصَّلَواتِ) بالمحافظة على مواقيتها وحدودها وأركانها وقد مضى في اوّل السّورة بيان للصّلوة ومراتبها وانّها ذات مراتب كمراتب الإنسان والصّلوات القالبيّة لكون كلّ في عرض الاخرى لا في طولها لا تفاضل بينها وانّ مراتب الصّلوة الطوليّة كلّ عالية منها محيطة بالدانية ومقوّمة لها وحكمها بالنّسبة الى دانيتها حكم الرّوح بالنّسبة الى الجسد وهي متوسّطة معتدلة كما انّ الرّوح بالنّسبة الى الجسد متوسّطة معتدلة فقوله تعالى :
بيان الصّلوة الوسطى
(وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) اى الفضلى أو المتوسّطة أو المعتدلة اشارة الى المراتب العالية من الصّلوات لا الى شيء من الصّلوات العرضيّة ، وتفسيرها بصلوة الظّهر كما في الاخبار الواردة من طريق الشّيعة لكونها مظهرا للصّلوة الوسطى بوجه كما انّ ليلة القدر والاسم الأعظم عبارة عن ليلة هي روح بالنّسبة الى اللّيالى العرضيّة وعن اسم كذلك وقد فسّروهما بشيء من اللّيالى