ونيّته والمجاهد ومراده ؛ ترغيب وتهديد ووعد ووعيد.
بيان قرض الله وتحقيقه
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) القرض ما تعطيه لتقاضاه ، وأقرضه أعطاه قرضا ، والاقراض لا يكون الّا ممّا كان مملوكا للمقرض فلو كان شيء عارية ووديعة عند الشّخص فانّ ردّه الى صاحبه لم يكن ذلك الردّ قرضا وان أعطاه غير صاحبه كان حراما وتصرّفا غصبيّا لا اقراضا ، وما للإنسان من الأموال العرضيّة الدّنيويّة والقوى النباتيّة والحيوانيّة والآلات والأعضاء الجسمانيّة والمدارك والشّؤن الانسانيّة كلّها ممّا أعارها الله ايّاه فان ردّ شيئا منها الى الله كان ذلك ردّ العارية الى صاحبها لا اقراضا وان أعطى شيئا منها غير صاحبها كان حراما وتصرّفا في مال الغير من دون اذن صاحبه ، والله تعالى من كمال تلطّفه بعباده ورحمته عليهم يستقرض منهم ما أعاره ايّاهم ليشير بمادّة القرض الى إعطاء العوض ولا اختصاص لما استقرضه الله بالمال الدّنيوىّ بل يجرى في جميع ما للإنسان بحسب نشأته الدّنيويّة والاخرويّة من الأموال والقوى والأعضاء ؛ ونعم ما قال المولوىّ قدسسره في بيان عموم ما استقرضه الله تعالى :
تن چو با برگ است روز وشب از آن |
|
شاخ جان در برگ ريز است وخزان |
برگ تن بى برگى جانست زود |
|
زين ببايد كاستن وانرا فزود |
أقرضوا الله قرض ده زين برگ تن |
|
تا برويد در عوض در دل چمن |
قرض ده كم كن أزين لقمه تنت |
|
تا نمايد وجه لا عين رأت |
تن ز سرگين خويش چون خالي كند |
|
پر ز گوهرهاي اجلالى كند |
قرض ده زين دولتت در أقرضوا |
|
تا كه صد دولت ببينى پيش رو |
وحسن الاقراض ان لا يطلب به عوضا ولو كان قربه تعالى (فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) الأضعاف جمع الضعف بكسر الضّاد واقلّ معناه مثلي ما يضاف اليه وأكثره لا حدّ له ، وهو مفعول ثان ليضاعفه أو حال أو مصدر عددىّ على ان يكون الضعف اسم مصدر ، ويصدق الأضعاف الكثيرة على عشرة أمثاله الى ما لا يعلمه الّا الله ، وعن الصّادق (ع) انّه قال : لمّا نزلت هذه الآية من جاء بالحسنة فله خير منها قال رسول الله (ص) ربّ زدني فأنزل الله سبحانه (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ،) فقال رسول الله (ص) : ربّ زدني فأنزل الله سبحانه : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) فعلم رسول الله (ص) انّ الكثير من الله لا يحصى وليس له المنتهى ، ومنه يستفاد انّ كلّ طاعة لله إقراض لله سواء كانت فعلا أو تركا وهو كذلك فانّ الطاعة ليست الّا بتحريك القوى المحرّكة وإمساك القوى الشهويّة والغضبيّة وكسر سورتهما فطاعة الله إقراض من القوى (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ) جملة حاليّة وترغيب في الاقراض لانّ المعنى من ذا الّذى يقرض الله فيضاعفه له فأقرضوا ولا تمسكوا خوف الفقر والافناء لانّ الله لا غيره يقبض الرّزق من أقوام ويبسط على أقوام ، أو يقبض في حال ويبسط في حال ولا يكون الإمساك سببا للبسط ولا الإنفاق سببا للقبض ، أو المراد فيضاعفه له فأقرضوا ولا تمسكوا لانّ الإمساك حينئذ امّا لخوف عدم اطّلاع الله أو لخوف عدم الوصول الى الله والحال انّ الله تعالى هو يقبض القرض لا غير الله ويبسط الجزاء (وَإِلَيْهِ) لا الى غيره (تُرْجَعُونَ) فتستحقّون رضاه عنكم وقربكم له زيادة على مضاعفة العوض. وقيل : المعنى انّ الله يقبض بعضا بالموت ويبسط من ارثه على وارثه ؛ وهو بعيد جدّا ، وروى انّ الآية نزلت في صلة الامام ، وروى : ما من شيء احبّ الى الله من إخراج الدّراهم الى الامام وانّ الله ليجعل له الدّرهم في الجنّة مثل جبل أحد ؛ وعلى هذا فقوله تعالى (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ) بطريق الحصر يكون مثل قوله (أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ