فيقول : رأيت كذا وكذا فلو سأل ولىّ الأمر عن ذلك لقال رأيت شيطانا أخبرك بكذا وكذا حتّى يفسّر له تفسيرا ويعلمه الضّلالة الّتى هو عليها ، وهؤلاء لا يدخلون في طريقهم من أرادوا إدخاله الّا بعد أخذ الميثاق عنه بما هو مقرّر عندهم ، وهكذا الحال في أنواع تصرّف الملائكة وغلبتهم ، وقد قال المولوىّ قدسسره في بيان غلبة الشّياطين والملائكة :
عقل خود شحنه است چون سلطان رسيد |
|
شحنه بيچاره در كنجى خزيد |
چون پرى غالب شود بر مردمى |
|
گم شود از مرد وصف مردمى |
هر چه گويد أو پرى گفته بود |
|
زين سرى نه زان سرى گفته بود |
چون پرى را اين دم وقانون بود |
|
كردگار آن پرى خود چون بود |
وانكار الفلاسفة لذوات الجنّة والشّياطين وتأويلهم لها غير مسموع في مقابل المشهود ، وعن الصّادق (ع) انّ رسول الله (ص) قال لمّا اسرى بى الى السّماء رأيت قوما يريد أحدهم ان يقوم فلا يقدر ان يقوم من عظم بطنه فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ ـ قال : هؤلاء الّذين يأكلون الرّبوا لا يقومون الّا كما يقوم الّذى يتخبّطه الشّيطان من المسّ وإذا هم بسبيل آل فرعون يعرضون على النّار غدوّا وعشيّا يقولون ربّنا متى تقوم السّاعة ، وفي خبر : أكل الرّبوا لا يخرج من الدّنيا حتّى يتخبّطه الشّيطان ، أو المقصود انّ أكل الرّبوا لا يكون في الدّنيا الّا كالمجنون فانّ المجنون أفعاله وأقواله خارجة عن ميزان عقل المعاش وهو خارج عن ميزان عقل المعاد ، فلا فرق بينهما الّا بشيء غير معتدّ به (ذلِكَ) الأكل منهم بواسطة مغلطة وقعت منهم أو ذلك العقاب لهم (بِأَنَّهُمْ) قاسوا الربوا بالبيع حيث رأوا جواز البيع بضعفي القيمة السوقيّة للسّلعة فقاسوا هذا البيع في زيادة الثّمن عن قيمة السّلعة بالبيع الرّبوىّ في زيادة العوض عن أصل المال و (قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ) بزيادة الثّمن (مِثْلُ الرِّبا) في الزّيادة فيصحّ الرّبوا كما يصحّ هذا البيع فالتّشبيه انّما وقع في زيادة العوض والأصل في ذلك هو الرّبوا لا في الصّحة حتّى يرد انّ الأصل في الصّحة هو البيع فينبغي ان يقول انّما الرّبوا مثل البيع وانّما شبّه البيع بالزّيادة عن القيمة بالرّبا كناية عن تشبيه الرّبوا بالبيع في الصّحة ليكون أبلغ فأبطل تعالى قياسهم بقوله تعالى (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) حال بتقدير قد أو عطف (وَحَرَّمَ الرِّبا) يعنى انّ الصحّة والفساد ليسا بالتماثل في الصّورة انّما هما بأمر الله ونهيه ، قيل : كان الرّجل منهم إذا حلّ دينه على غريمه فطالبه به قال المطلوب منه : زدني في الأجل وأزيدك في المال فيتراضيان عليه ويعملان به ، فاذا قيل لهم : هذا ربوا قالوا : هما سواء يعنون بذلك انّ الزّيادة في الثّمن حال البيع والزّيادة فيه بسبب الأجل عند محلّ الدّين سواء. اعلم انّهم كانوا في الجاهليّة يتّجرون ويستربحون بان يدينوا مالا الى أجل بربح معلوم كما هو ديدن أهل زماننا وكانوا يقولون : هذا الرّبح عوض تعطيل مالنا عن التّجارة ، أو يدينوا جنسا من مثل الحنطة والشّعير الى أوان بلوغه بأزيد من ذلك الجنس وكانوا يقولون ان كان قيمته عشرة معجّلا صحّ ان نبيعه بخمسة عشر مؤجّلا فصحّ ان نقرضه عشرة بخمسة عشر مؤجّلا ، ولمّا كان في ذلك الاتّكال على الرّبح وترك التّوكّل على الله وتعطيل الأعضاء والقوى عن الحركة في طلب المعاش الّتى هي أعظم أقسام العبادات وتعطيل النّفس عن التّضرّع والالتجاء الى الله والمسئلة منه وإضرار المدين بأخذ ماله بلا عوض وترك اصطناع المعروف بالقرض الحسن وكلّ ذلك كان مخالفا لما اراده تعالى من عباده نهى الله تعالى عنه وشدّد على فاعله ، وفي الخبر درهم ربوا اشدّ عند الله من سبعين زنية كلّها بذات محرم ، وفي خبر زيد : في بيت الله الحرام ، وعن أمير المؤمنين (ع): لعن رسول الله (ص) الرّبوا وأكله وبائعه ومشتريه وكاتبه