اللهم إذا أعطيتني ذلك فزدني فقال الله تعالى له سل ، قال : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) يعنى بالإصر الشّدائد الّتى كانت على من كان قبلنا فأجابه الله تعالى الى ذلك فقال تبارك اسمه : قد رفعت عن أمّتك الآصار الّتى كانت على الأمم السّالفة كنت لا اقبل صلوتهم الّا في بقاع من الأرض معلومة اخترتها لهم وان بعدت وقد جعلت الأرض كلّها لامّتك مسجدا وطهورا ؛ فهذه من الآصار الّتى كانت على الأمم قبلك فرفعتها عن أمّتك ، وكانت الأمم السّالفة إذا أصابهم أذى من نجاسة قرضوها من أجسادهم وقد جعلت الماء طهورا لامّتك ؛ فهذه من الآصار الّتى كانت عليهم فرفعتها عن أمّتك ، وكانت الأمم السّالفة تحمل قرابينها على أعناقها الى بيت المقدّس فمن قبلت ذلك منه أرسلت اليه نارا فأكلته فرجع مسرورا ، ومن لم اقبل ذلك منه رجع مثبورا وقد جعلت قربان أمّتك في بطون فقرائها ومساكينها فمن قبلت ذلك منه أضعفت ذلك له أضعافا مضاعفة ، ومن لم اقبل ذلك منه رفعت عنه عقوبات الدّنيا وقد رفعت ذلك عن أمّتك ؛ وهي من الآصار الّتى كانت على الأمم قبلك ، وكانت الأمم السّالفة صلوتها مفروضة عليها في ظلم اللّيل وأنصاف النّهار وهي من الشّدائد الّتى كانت عليهم فرفعتها عن أمّتك ، وفرضت عليهم صلوتهم في أطراف اللّيل والنّهار وفي أوقات نشاطهم (الى ان قال) وكانت الأمم السّالفة حسنتهم بحسنة وسيّئتهم بسيّئة وهي من الآصار الّتى كانت عليهم فرفعتها عن أمّتك وجعلت الحسنة بعشر والسيّئة بواحدة ، وكانت الأمم السّالفة إذا نوى أحدهم حسنة ثمّ لم يعملها لم تكتب له وان عملها كتبت له حسنة وانّ أمّتك إذا همّ أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة وان عملها كتبت عليه سيّئة ، وانّ أمّتك إذا همّ أحدهم بسيّئة ثمّ لم يعملها كتبت له حسنة (الى ان قال) وكانت الأمم السّالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم وجعلت توبتهم من الذّنوب ان حرّمت عليهم بعد التّوبة احبّ الطّعام إليهم وقد رفعت ذلك عن أمّتك وجعلت ذنوبهم فيما بيني وبينهم وجعلت عليهم ستورا كثيفة وقبلت توبتهم بلا عقوبة ، ولا أعاقبهم بان احرّم عليهم احبّ الطّعام إليهم ، وكانت الأمم السّالفة يتوب أحدهم من الذّنب الواحد مائة سنة أو ثمانين سنة أو خمسين سنة ثمّ لا اقبل توبته دون ان أعاقبه في الدّنيا بعقوبة (الى ان قال) وانّ الرّجل من أمّتك ليذنب عشرين سنة أو ثلاثين سنة أو أربعين أو مائة سنة ثمّ يتوب ويندم طرفة عين فأغفر ذلك كلّه ، فقال النّبىّ (ص) : اللهمّ إذا أعطيتني ذلك كلّه فزدني ، قال : سل ، قال : (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) قال تبارك اسمه : قد فعلت ذلك بك وبامّتك وقد رفعت عنهم عظيم بلايا الأمم وذلك حكمي في جميع الأمم ان لا اكلّف خلقا فوق طاقتهم ، قال : (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا ،) قال الله عزوجل : قد فعلت ذلك بتائبى أمّتك ، قال : (فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) قال الله جلّ اسمه انّ أمّتك في الأرض كالشّامة البيضاء في الثّور الأسود ، هم القادرون وهم القاهرون ويستخدمون ولا يستخدمون لكرامتك علىّ وحقّ علىّ ان أظهر دينك على الأديان حتّى لا يبقى في شرق الأرض وغربها دين الّا دينك أو يؤدّون الى أهل دينك الجزية.
والاخبار في فضل هذه الآية والّتي قبلها وانّهما من كنوز العرش كثيرة ، وروى انزل الله آيتين من كنوز الجنّة كتبهما الرّحمن بيده قبل ان يخلق الخلق بألفى سنة من قرأهما بعد عشاء الآخرة أجزأتاه عن قيام اللّيل ، وفي رواية : من قرء الآيتين من آخر سورة البقرة كفتاه.