الى الخطاب (مِنْهُمْ) اى من شرّهم واضرارهم (تُقاةً) قرئ بكسر القاف والياء المشدّدة وبفتح القاف والالف وهو مفعول مطلق أو مفعول به في معنى اسم المفعول يعنى ان خاف أحد من الكافرين على نفسه أو ماله أو عياله أو عرضه أو إخوانه المؤمنين جاز له إظهار الموالاة مع الكافرين مخالفة لما في قلبه لا انّه يجوز موالاتهم حقيقة فانّ التقيّة المشروعة المأمور بها ان تكون على خوف من معاشرك ان اطّلع على ما في قلبك فتظهر الموافقة له بما هو خلاف ما في قلبك ولا اختصاص لها بالكافر فانّه ذكر في حديث انّه ذكر التقيّة عند عليّ بن الحسين (ع) فقال : لو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان لكفّره (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) فلا تتجاوزوا في موالاتهم عن موضع الرّخصة (وَإِلَى اللهِ) لا الى غيره (الْمَصِيرُ) فلا ينبغي الموالاة لغيره ولا الحذر من غيره الّا باذنه (قُلْإِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ) من المودّة للكافرين وغيرها (أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) تعميم بعد تخصيص (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيقدر على اعزازكم من دون موالاة الكافرين واذلالكم بموالاتهم فلا تتعرّضوا لما نهاكم عنه ظنّا منكم انّ عزّتكم تحصل منه (يَوْمَ تَجِدُ) ظرف لتودّ أو لقدير على معنى ظهور قدرته في ذلك اليوم ، أو ليعلم ما في السّماوات ، أو ليعلمه الله على هذا المعنى ، أو لا ذكر مقدّرا (كُلُّ نَفْسٍ) خيّره وشريره (ما عَمِلَتْ) صورة ما عملت على تجسّم الأعمال كما سبق تحقيقه أو جزاء ما عملت أو صحيفة ما عملت (مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ) عطف على ما عملت من خير أو لفظة ما شرطيّة وجملة (تَوَدُّ) جزاؤها وارتفاعه لكون الشّرط ماضيا غير ظاهر فيه الجزم ، أو لفظة ما موصولة متضمّنة لمعنى الشّرط مبتدء خبره جملة تودّ (لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً) غاية (بَعِيداً) ولفظة لو هذه مصدريّة محذوفة الفعل أو شرطيّة محذوفة الفعل والجواب اى لو ثبت انّ بينها وبينه أمدا بعيدا تودّ ذلك (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) كرّره للتّوكيد والتّذكير والتّطويل في مقام التّهديد (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) ولذا لا يعجّل العقوبة للمسيئين ويحذّرهم رأفة بهم جمع بين صفتي اللّطف والقهر للتّرهيب والتّرغيب (قُلْ) ابتداء خطاب للهداية الى حقّ وصواب (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ) جملة شرطيّة وفعل الشّرط محبّة العباد مقيّدة بالانتساب الى الله والتّمكين فيها المستفاد من تخلّل قوله كنتم فانّ الإتيان بلفظ كان في أمثال المقام للاشارة الى الاستمرار وكون الفعل كالسجيّة ومفهوم مخالفته انتفاء المحبّة المتعلّقة بالله الصائرة كالسجيّة وانتفاؤها امّا بانتفاء المقيّد أو بانتفاء كلّ من القيدين (فَاتَّبِعُونِي) جزاء للشّرط المذكور (يُحْبِبْكُمُ اللهُ) جزاء للشّرط المقدّر المستنبط من الاتّباع اللّازم للمحبّة المقيّدة المذكورة والمقصود انّ محبوبيّتكم لله لازمة لاتّباع الرّسول (ص) بعد المحبّة الثّابتة الرّاسخة لله فمن لم يكن له محبّة كأكثر أهل الجبال والرّساتيق والأكراد والأعراب وغيرهم ممّن لا يعرفون من المحبّة الّا حبّ المأكول والمشروب والوقاع ، أو كان له محبّة ما ؛ لكن كان محبّته للأرواح الخبيثة فقط أو للأرواح الخبيثة والطيّبة شاعرا بانّ محبتّه للأرواح الخبيثة كالابليسيّة والكهنة والثنويّة يعنى المحقّقين المكاشفين منهم أو غير شاعر كالهنود المرتاضين بالمخالفات الشّرعيّة الظّانّين انّ عالم الأرواح واحد وقالوا : انّ طريق الوصول اليه امّا طريق التأسيسات الشّرعيّة وهذا أبعد الطريقين ، أو طريق مخالفة النّواميس الشّرعيّة وهذا أقرب الطريقين ، وكالمبايعين بالبيعة الخاصّة مع من لم يكن أهلا للبيعة مثل أهل السّلاسل الباطلة الباقية آثارهم