وبعض الأعمال في يوم السّبت وغير ذلك ، نسب الى الصّادق (ع) انّه قال كان بين داود (ع) وعيسى بن مريم (ع) اربعمائة وكانت شريعة عيسى (ع) انّه بعث بالتّوحيد والإخلاص وبما اوصى به نوح (ع) وإبراهيم (ع) وموسى (ع) وأنزل عليه الإنجيل وأخذ عليه الميثاق الّذى أخذ على النّبيّين وشرع له في الكتاب اقام الصّلوة مع الدّين والأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر وتحريم الحرام وتحليل الحلال وانزل عليه في الإنجيل مواعظ وأمثال وحدود وليس فيها قصاص ولا احكام حدود ولا فرض مواريث وأنزل عليه تخفيف ما كان على موسى في التّوراة وهو قول الله عزوجل في الّذى قال عيسى بن مريم (ع) لبني إسرائيل ولاحلّ لكم بعض الّذى حرّم عليكم وامر عيسى (ع) من معه ممّن اتّبعه من المؤمنين ان يؤمنوا بشريعة التّوراة والإنجيل (وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) لمّا كان إحلال المحرّمات في شريعة ثابتة مصدّقة محلّا للإنكار وموهما لكذب المحلّل وأراد ان يأمر بطاعته بعد ما أتى بما هو موهم لكذبه كرّر قوله (جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) ليكونوا على ذكر من معجزاته فلا ينكروه ولا ينكروا امره (فَاتَّقُوا اللهَ) يعنى إذا كنت جئتكم بآية من ربّكم دالّة على رسالتي منه فاتّقوا سخطه في مخالفتي (وَأَطِيعُونِ) فيما أدعوكم اليه وفيما أمرتكم به ونهيتكم عنه.
تحقيق كون الإنسان فطريّ التعلّق واقتضاء ذلك الايتمام بأمر
اعلم انّ اللّطيفة السيّارة الانسانيّة خلقت مفطورة التعلّق بمعنى انّ التعلّق ذاتىّ لها لا انّه عرضىّ لها كسائر الاعراض بل نقول : ذاتها ليست الّا التعلّق وكلّما كان سواها فهو ليس ذاتا ولا ذاتيّا لها بل هو عرضىّ مانع لها من ظهورها بذاتها وعائق لها عن قربها من أصلها وكمالها بطرح ما سوى التعلّق وظهور التعلّق بدون قيد من القيود ولذلك قال تعالى حين تماميّة كمال محمّد (ص) وكمال قربه من مبدئه دنا فتدلّى يعنى انتهى في دنّوه حتّى لم يبق له الّا التدلّى الّذى هو ذاته والّا فالتدلّى كان له من اوّل وجوده ، وقولهم : القيد كفر ولو بالله ؛ اشارة الى انّ ذات الإنسان تعلّق محض من دون ضميمة قيد إليها وكلّما ضمّ اليه قيد من القيود ولو كان تقيّدا بالله اقتضى ذلك القيد الاثنينيّة والاستقلال في الوجود وحجبه عن ذاته وعن مشاهدة ربّه ، وهذا بخلاف سائر الموجودات الامكانيّة فانّها كلّها متحدّدات بحدود مخصوصة يكون كمالها ببلوغها الى تلك الحدود وقوفها في تلك المواقف واستقلالها بحدودها فهي وان كان مقتضية للتعلّق لكنّ التعلّق فيها مختفية تحت التحدّد والاستبداد وكانت أرباب أنواعها تحت ربّ نوع الإنسان لتحدّدها وإطلاقه ولمّا كانت تلك اللّطيفة بذاتها مقتضية للتعلّق وكان التّكليف مطابقا للتّكوين أمروا العباد بالاقتداء والتعلّم والايتمام والطّاعة وذكروا انّ طاعة الامام أصل كلّ الخيرات فانّه نسب الى ابى جعفر (ع) انّه قال : ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضى الرّحمن تبارك وتعالى الطّاعة للإمام بعد معرفته ثمّ قال : انّ الله تبارك وتعالى يقول : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) ؛ وفي هذا المعنى اخبار كثيرة. ونسب الى علىّ (ع) انّه قال : اعلموا انّ صحبة العالم واتّباعه دين يدان الله به ، وطاعته مكسبة للحسنات ، ممحاة للسيّئات ، وذخيرة للمؤمنين ، ورفعة فيهم في حيوتهم ، وحبل بعد مماتهم ، بل ورد في اخبار كثيرة صراحة واشارة الى ان لا خير ولا حسنة لغير المطيع ، ولا ذنب للمطيع ، وان أتى غير العارف المطيع للإمام بجميع اعمال الخير والعارف المطيع بجميع اعمال الشرّ ، والاخبار الدّالّة على انّ من مات ولم يكن له امام مات ميتة الجاهليّة أو ميتة كفر ؛ تدلّ على فضل الطّاعة للإمام ، ولذلك امر الأنبياء أممهم اوّل دعوتهم بالتّقوى الّتى هي قبل الإسلام ثمّ بالطّاعة لهم وقال الكبار من المشايخ (ره) : ان كانت تحت طاعة عبد حبشيّ كان خيرا لك من ان تكون تحت طاعة نفسك ، وقال الفقهاء رضوان الله عليهم : من عمل من المقلّدين بطاعة ربّه من