(مِنْ دُونِ اللهِ) بل ان قال (كُونُوا عِباداً لِي) كان قوله متّحدا مع قوله كونوا عبادا لله فانّه ان قال أنا كان أناه من الحق جاريا على لسانه لا من نفسه كما أشار اليه المولوىّ قدسسره :
گفت فرعونى انا الحق گشت پست |
|
گفت منصورى انا الحق وبرست |
اين انا هو بود در سرّ اى فضول |
|
ز اتّحاد نور نز راه حلول |
بود انا الحق در لب منصور نور |
|
بود انا الله در لب فرعون زور |
آن انا بى وقت گفتن لعنت است |
|
وين انا در وقت گفتن رحمت است |
وكما انّه لا يجوز الدّعوة الى نفسه لمن بقي عليه من انانيّته شيء كذلك لا يجوز ذلك إذا كان المدعوّ محجوبا عن مشاهدة الحقّ تعالى في المظاهر فانّ المحجوب إذا دعا الى المظاهر كان اضلالا ودعوة الى عبادة الاسم دون المعنى ، ولهذا طرد الصّادق (ع) أبا الخطّاب بعد ما كان يدعوا المريدين ممّن لا يرى الله في المظاهر الى الهة الصّادق (ع) ، وإذا خرج الدّاعى من انانيّته وبقي بانانيّة الله كان الدّاعى هو الله لانّ الدّعوة كانت من الله بآلة لسان الدّاعى وإذا كان المدعوّ أيضا لا يرى في مظهر النّبىّ (ص) الّا الله كان النّبىّ (ص) اسما محضا من غير شوب كونه مسمّى ، فاذا دعا هذا الدّاعى الى نفسه كان دعاؤه الى الله وإذا لم ير المدعوّ في مظهر الدّاعى الّا الله لم يكن توجّهه الّا الى المسمّى لا الاسم فلم يكن عبادته الّا للمسمّى بإيقاع الاسم عليه ، وبهذا الوجه قيل بالفارسيّة :
اگر كافر ز بت آگاه بودى |
|
چرا در دين خود گمراه بودى |
اگر مؤمن بدانستى كه بت چيست |
|
يقين كردى كه دين در بت پرستى ست |
(وَلكِنْ) يقول (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ) هو منسوب الى الرّبّ بزيادة الالف والنّون وهذه الزّيادة تدلّ على المبالغة في النّسبة الى الربّ ، والمبالغ في الانتساب الى الرّبّ من لا يرى في المظاهر الّا الربّ وخصوصا في المظاهر الفانية من أنفسهم فلا يرى للدّاعى نفسيّة حتّى يكون دعوة الى نفسه فيقول النّبىّ (ص): كونوا خارجين عن حجب انانيّاتكم حتّى تروا الله في كلّ المظاهر (بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ) يعنى كونوا تعلّمون الكتاب وتدرسونه حتّى تكونوا ربّانيّين بما كنتم تعلّمون الكتاب أمثالكم على قراءة تشديد اللّام (وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) اى تقرؤن الكتاب على قراءة تخفيف الرّاء لانّ الاشتغال بالكتب السّماويّة والتّدبّر في الشّرائع الإلهيّة وتذكّرها يخرجكم تدريجا من ظلمات انانيّاتكم ويدخلكم في نور ظهور عبوديّتكم وبروز ربوبيّتكم وقرء تعلمون بتخفيف اللام وتدرسون من باب التّفعيل أو الأفعال (وَلا يَأْمُرَكُمْ) ايّها النّاقصون المؤتمّون قرء بالرّفع وحينئذ فالفاعل امّا راجع الى الله والجملة عطف على ما كان لبشر فانّه في معنى لا يأمر الله بشرا ان يدعو النّاس الى عبادته ، أو حال بتقدير مبتدء لعدم جواز الواو في المضارع المنفي بلا ، أو راجع الى بشر بالوجهين السّابقين في اعرابه ، وقرئ بالنّصب والفاعل أيضا امّا راجع الى الله فيكون الواو بمعنى مع ، أو الى بشر فيكون الفعل عطفا على يقول ، ولفظة لا زائدة لتأكيد النفي السّابق ، أو يكون الواو بمعنى مع اى مع ان لا يأمركم والمقصود انّ الله لا يأمر الأنبياء ان يدعوا النّاس بعبادتهم ولا يأمر العباد ان يعبدوا الأنبياء والملائكة تعريضا بالنّصارى واليهود في عبادة عيسى (ع) وعزير وبعبادة الملائكة فلا يأمركم (أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً) لمّا كان الخطاب للأمم النّاقصين الّذين لا يرون من المظاهر الّا المظاهر ولا يتمكّنون من رؤية الله في المظاهر لم يأت بقيد من دون الله لعدم الاحتياج الى ذكره ، أو ترك ذكره بقرينة السّابق وبقرينة قوله تعالى : (أَيَأْمُرُكُمْ