فيما خلقت لأجله ، ولحفظه حقّ المنعم وعظمته في انعامه حين صرف نعمه فيما خلقت له ، والمراد بالشّاكرين هاهنا علىّ (ع) ونفر يسير بقوا عند رسول الله (ص) حين انهزم المسلمون ، روى عن الصّادق (ع) انّه لمّا انهزم المسلمون يوم أحد عن النّبىّ انصرف إليهم بوجهه وهو يقول : انا محمّد انا رسول الله لم اقتل ولم أمت ، فالتفت اليه بعض الصّحابة فقال : الآن يسخر بنا أيضا وقد هزمنا وبقي معه علىّ (ع) وابو دجانة رحمهالله فدعاه النّبىّ (ص) فقال : يا أبا دجانة انصرف وأنت في حلّ من بيعتك فامّا علىّ (ع) فهو انا وانا هو فتحوّل وجلس بين يدي النّبىّ وبكى وقال : لا والله ورفع رأسه الى السّماء وقال : لا والله لا جعلت نفسي في حلّ من بيعتي ، انّى بايعتك فالى من انصرف يا رسول الله (ص)؟! الى زوجة تموت؟ أو ولد يموت؟ أو دار تخرب؟ ومال يفنى؟ وأجل قد اقترب؟ فرقّ له النّبىّ فلم يزل يقاتل حتّى قتل فجاء به علىّ (ع) الى النّبىّ (ص) فقال: يا رسول الله (ص) أوفيت ببيعتي؟ ـ قال : نعم ، وقال له النّبىّ (ص) خيرا وكان النّاس يحملون على النّبىّ (ص) الميمنة فيكشفهم علىّ (ع) فاذا كشفهم أقبلت الميسرة الى النّبىّ (ص) فلم يزل كذلك حتّى تقطّع سيفه بثلاث قطع فجاء الى النّبىّ (ص) فطرحه بين يديه وقال : هذا سيفي قد تقطّع فيومئذ أعطاه النّبىّ (ص) ذا الفقار ولمّا رأى النّبىّ (ص) اختلاج ساقيه من كثرة القتال رفع رأسه الى السّماء وهو يبكى وقال : يا ربّ وعدتني ان تظهر دينك وان شئت لم يعيك فأقبل علىّ (ع) الى النّبىّ (ص) فقال : يا رسول الله (ص) اسمع دويّا شديدا واسمع أقدم يا حيزوم وما اهمّ اضرب أحدا الّا سقط ميّتا قبل ان اضربه فقال : هذا جبرئيل وميكائيل وإسرافيل والملائكة ثمّ جاء جبرئيل فوقف الى جنب رسول الله (ص) فقال : يا محمّد (ص) انّ هذا لهي المواساة فقال النّبىّ (ص) : انّ عليّا (ع) منّى وانا منه فقال جبرئيل : وانا منكم (الى آخر الحديث) ونزل وسيجزي الله الشّاكرين وهذا مضمون ما روى عن الصّادق أيضا ، وفي حديث عن النّبىّ (ص) الا وانّ عليّا (ع) هو الموصوف بالصّبر والشّكر ثمّ من بعده ولدي من صلبه ، ويظهر من الاخبار انّ الآية تعريض بما أحدث المنافقون من بعده من رجوعهم من علىّ (ع) وتركهم وصيّته (ص) في حقّه فعن علىّ (ع) في حديث حتّى إذا دعا الله نبيّه ورفعه اليه لم يك ذلك بعده الّا كلمحة من خفقة أو وميض من برقة الى ان رجعوا على الأعقاب وانتكصوا على الأدبار وطلبوا بالأوتار وأظهروا الكتائب وردموا الباب وفلوا الدّيار وغيّروا آثار رسول الله (ص) ورغبوا عن احكامه وبعدوا من أنواره واستبدلوا بمستخلفه بديلا وعن الباقر (ع) انّه قال كان النّاس أهل ردّة بعد رسول الله (ص) الّا ثلاثة قيل ومن الثّلاثة؟ ـ قال : المقداد وابو ذرّ وسلمان الفارسىّ ثمّ عرف أناس بعد يسير فقال : هؤلاء الّذين دارت عليهم الرّحا وأبوا ان يبايعوا حتّى جاءوا بأمير المؤمنين مكرها فبايع وذلك قول الله ما محمّد الّا رسول (الآية) وعن الصّادق (ع) في موت النّبىّ (ص) وقتله انّه قال : أتدرون مات النّبىّ (ص) أو قتل انّ الله يقول : أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم (الى آخر الحديث) (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ) كأنّ المراد بالموت هاهنا معنى اعمّ من القتل (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) اى بإباحته وهذا تقوية لقلوب المؤمنين وتسلية لهم بانّه ما أصابهم من القتل وما يصيبهم ما كان ولا يكون الّا بعلمه وترخيصه لخروح الرّوح ولو لم يخرج أرواح المقتولين بالقتل لخرجت بالموت فما لهم يتوانون من الجهاد ويخافون من القتل ويتحسّرون على القتلى (تاباً) حال من ان تموت فانّه بتأويل الموت أو مفعول مطلق لفعل محذوف (مُؤَجَّلاً) موقّتا لا يتخلّف عن وقته بتأخيران فرّت وتقديم ان قاتلت (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) تعريض بمن شغلته الدّنيا ومنعه تعلّقه بها عن القتال وبمن شغلته الغنائم يوم أحد عن امتثال الأمر كأصحاب عبد الله بن جبير وعن