القتال كبعض الأنصار وبمن فرّ عن القتال ذلك اليوم وترك الرّسول (ص) (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها) تعريض بمن ثبت على الامتثال كبعض أصحاب عبد الله بن جبير وبمن ثبت على القتال حتّى قتل أو نجا (وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) من قبيل وضع الظّاهر موضع المضمر أو المراد بالشّاكرين من بذل جهده في سبيل الله وترك الدّنيا والآخرة وراء ظهره امتثالا لأمر الله وإعلاء لكلمته وحماية لدينه كعلىّ (ع) فكأنّه قال : ومن يرد وجه الله وطرح ثواب الدّنيا والآخرة فهو شاكر وسنجزى الشّاكرين ، نسب الى الباقر (ع) انّه قال : أصاب عليّا (ع) يوم أحد ستّون جراحة وانّ النّبىّ (ص) امر امّ سليم وامّ عطيّة ان تداوياه فقالتا : انّا لا نعالج منه مكانا الّا انفتق منه مكان وقد خفنا عليه ودخل رسول الله (ص) والمسلمون يعودونه وهو قرحة واحدة فجعل يمسحه بيده ويقول : انّ رجلا لقى هذا في الله فقد أبلى وأعذر ، فكان القرح الّذى يمسحه رسول الله (ص) يلتئم فقال علىّ (ع): الحمد لله إذ لم افرّ ولم أولّ الدّبر فشكر الله له ذلك في موضعين من القرآن وهو قوله (وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)(وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ) قرئ قتل مبنيّا للمفعول ، وقاتل من باب المفاعلة وهو خبر كايّن أو صفة نبىّ ومرفوعه امّا ضمير نبىّ وحينئذ فقوله (مَعَهُ رِبِّيُّونَ) مبتدء مكتف بمرفوعه ومرفوع مغن عن الخبر ، أو مبتدء مؤخّر وخبر مقدّم والجملة حال أو صفة بعد صفة أو خبر بعد خبر أو خبر ابتداء و (كَثِيرٌ) صفة بعد صفة أو خبر بعد خبر أو خبر ابتداء وعلى بعض الوجوه الّذى لا يبقى معه خبر لكايّن يكون الخبر محذوفا أو مرفوع قاتل ربّيّون وحينئذ يكون معه متعلّقا بقاتل والجملة صفة أو خبر وكثير صفة بعد صفة ويكون حينئذ خبر كأيّن محذوفا أو خبر بعد خبر أو خبر ابتداء والرّبّيون منسوب الى الرّبّ وكسر الرّاء من تغييرات النّسب وقد قرئ بفتح الرّاء على الأصل وبضمّ الرّاء مثل الكسر مغيّرا عن هيئته أو هو جمع الرّبّى منسوب الربّة بالكسر بمعنى الجماعة الكثيرة ، أو بمعنى عشرة آلاف ، وبهذا المعنى قد يضمّ الربّة وفسّر في الخبر بعشرة آلاف ، وهذا أيضا تقوية للمؤمنين وتسلية لهم وتعريض بفشلهم عند الإرجاف بقتل النّبىّ (ص) في أحد (فَما وَهَنُوا) اى ما فتروا في رأيهم عن القتال وعن القيام بأمر دينهم (لِما أَصابَهُمْ) من قتل النّبىّ (ص) أو قتل بعضهم ومن الجرح والنّهب (فِي سَبِيلِ اللهِ) ظرف لاصابهم أو متنازع فيه لقاتل ووهنوا وأصابهم (وَما ضَعُفُوا) في أبدانهم أو المراد بالوهن الضّعف في الأبدان وبالضّعف الوهن في الرّأى (وَمَا اسْتَكانُوا) ما تذلّلوا افتعل من المسكنة بمعنى الذّلّة أشبع فتحة الكاف أو استفعل من كان له بمعنى انقاد له وهو تعريض بما قالوا عند ما ارجف بقتل النّبىّ (ص) : اذهبوا بنا الى عبد الله بن أبىّ ليأخذ الامان لنا من أبى سفيان يعنى انّهم ما وهنوا كما وهنتم وانهزمتم وما تذلّلوا عند العدوّ كما أردتم التذلّل وصبروا على القتال (وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) تعريض ببغضهم لأجل الفرار وعدم الثّبات واكتفى عن قوله وصبروا بقوله والله يحبّ الصّابرين لافادة سابقه ايّاه واستفادته منه مع شيء زائد هو إثبات محبّته لهم والتّعريض ببغضه للفارّين عن القتال (وَما كانَ قَوْلَهُمْ) مع ثباتهم في دينهم وكمال جهدهم لرضا ربّهم (إِلَّا أَنْ قالُوا) قالا أو حالا (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) يعنى انّهم مع تصلّبهم في دينهم وبذل ولوسعهم في سبيل ربّهم خافوا من ذنوبهم واستغفروا ربّهم والتجأوا اليه واستنصروه على أعدائهم وأعداء ربّهم بخلافكم حيث