مقدّر وما كافّة أو مصدريّة أو موصولة (وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) في الدّنيا والآخرة من حين التّكلّم ولمّا كان المقام مقام السّخط والغضب ناسبه البسط والتّغليظ والتّكرير ولذلك كرّر نفى الضّرر وثبوت العذاب بأوصاف مختلفة وأتى في الاوّل بوصف العظيم للعذاب للاشعار بانّ عذاب المنافق اشدّ وأعظم من عذاب سائر الكفّار و (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) اى على الحال الّتى أنتم عليها من اختلاط المخلص بالمنافق والمحقّق بالمنتحل بل كان شيمته القديمة الابتلاء والامتحان بالتّكاليف المخالفة للهواء (حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللهُ) كأنّه قيل : ان اطلعنا الله على ما في القلوب من الإخلاص والنّفاق اجتنبنا عن المنافق فقال : وما كان الله (لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ) من بيانيّة والظّرف حال من من يشاء يعنى انّ الله يختار من يشاء حالكونه عبارة من رسله للاطّلاع على المغيبات عنكم بإراءتها لهم أو أخبارهم بها بتوسّط الملائكة أو بلا واسطة فلا تقولوا برأيكم فيما هو غيب عنكم من قولكم لو كان كذا لكان كذا ، ومن نسبة الخير والشّرّ الى العباد (فَآمِنُوا) أذعنوا أو أسلموا حقيقة كما أسلمتم ظاهرا ، أو آمنوا بالايمان الخاصّ والبيعة الخاصّة وقبول الدّعوة الباطنة (بِاللهِ وَرُسُلِهِ) اى خلفائه من الرّسل وأوصيائهم (وَإِنْ تُؤْمِنُوا) تذعنوا أو تسلموا بالبيعة العامّة أو تؤمنوا بالبيعة الخاصّة (وَتَتَّقُوا) سخط الله باتّباع خلفائه فيما أمروا به ونهوا عنه ؛ أو تتّقوا الانحراف عن الطّريق بالبيعة الخاصّة ، أو تتّقوا الخروج عن الطّريق بعد البيعة الخاصّة والدّخول فيه (فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) لمّا كان عظم الأجر خاصّا بمن قبل ولاية علىّ (ع) بالبيعة الخاصّة وقبول الدّعوة الباطنة فالشّرط لا بدّ وان يفسّر بما يشمل الايمان الخاصّ (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) قرئ بالغيبة فالفاعل ضمير راجع الى الرّسول أو إلى من يتأتّى منه الحسبان والمفعول الاوّل الّذين يبخلون بتقدير مضاف ليطابق المفعول الثّانى أو الفاعل الّذين يبخلون والمفعول الاوّل محذوف وقرئ بالخطاب خطابا للرّسول (ص) أو لكلّ من يتأتّى منه الخطاب والّذين يبخلون مفعوله الاوّل بتقدير مضاف اى لا تحسبنّ بخل الّذين يبخلون (بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ) لانّ البخل يستجلب العقاب عليهم وليس الإمساك يبقى المال ولا الإنفاق يفنيه (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) عن الصّادقين (ع): ما من أحد يمنع زكوة ماله شيئا الّا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوّقا في عنقه ينهش من لحمه حتّى يفرغ من الحساب وهو قول الله تعالى : (يُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا) : وعن الصّادق (ع) عن رسول الله (ص) : ما من ذي زكوة مال نخل أو زرع أو كرم يمنع زكوة ماله الّا قلّده الله تعالى تربة أرضه يطوّق بها من سبع أرضين الى يوم القيامة ، اعلم انّ البخل لا يكون الّا لتعلّق القلب بما يبخل البخيل به وكلّما تعلّق القلب به يكون بملكوته حاضرا في القلب وثابتا فيه وكلّما كان ثابتا في القلب يتمثّل عند القلب (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ ،) وبتفاوت التعلّق يكون حضوره متفاوتا بنحو الطّوق أو بنحو اللّباس مشتملا على جميع البدن ، أو بنحو البيت وغير ذلك من أنواع الحضور سواء كان ذلك الّذى يبخل به من الأموال أو القوى والأبدان ، أو العلوم النّفسانيّة الّتى بخلوا بها ولم يظهروها لأهلها مثل اليهود والنّصارى بخلوا بما علموا من أوصاف محمّد (ص) وعلىّ (ع) الّتى كانت في كتبهم واخبار أسلافهم ، ومثل المنافقين من الامّة بخلوا بما علموا من حقّيّة محمّد (ص) ومن بعده بما علموا من حقّيّة علىّ (ع) فانّ من كتم